كلمة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي حول آخر التطورات والمستجدات المحلية والإقليمية 07 ذوالحجة 1445هـ
كلمة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي “يحفظه الله”
حول آخر التطورات والمستجدات
الخميس 7 ذو الحجة 1445هـ 13يونيو 2024م
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ}[النور: الآية57]. صَدَقَ اللَّهُ العَلِيُّ العَظِيم.
بين العرب، ووسط العالم الإسلامي، وأمام مرأى ومسمع المسلمين، الذين ينتمون إلى رسالة الله، رسالة الحق، والعدل، والقيم، والأخلاق، تحدث جريمة القرن، وتستمر مظلمة العصر، ولمائتين وواحدٍ وخمسين يوماً، ولثمانية أشهر انقضت، وللأسبوع السادس والثلاثين، والعدو الإسرائيلي الصهيوني يستمر في الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة، حيث:
- بلغ عدد المجازر الجماعية: أكثر من (ثلاثة آلافٍ وثلاثمائة واربعين مجزرة).
- وبلغ عدد الشهداء، والجرحى، والأسرى، في القطاع والضفة: قرابة (مائةٍ وسعةٍ وأربعين ألف فلسطيني)، معظمهم من الأطفال والنساء.
- وارتكب العدو الصهيوني في هذا الأسبوع: أكثر من (خمسٍ وثلاثين مجزرة)، مطبوعةٍ بطابع التوحش والإجرام والهمجية، أسفرت عن استشهاد وجرح: أكثر من (ألفين وخمسمائة فلسطيني)، غالبيتهم من الأطفال والنساء، من بينها: المجزرة التي ارتكبها العدو في مخيم النصيرات، بمشاركةٍ أمريكيةٍ مباشرة، حيث نفَّذ العدو فيها (مائتين وخمسين غارةً جوية)، على ما يقارب التسعين منزلاً، وقام باقتحامٍ بري، منطلقاً من الرصيف البحري العائم، مستخدماً لشاحنات المساعدات، التي تعتبر مخصصةً في الرصيف البحري للمساعدات، وتم استخدام الرصيف البحري العائم في ذلك العدوان، ليكشف حقيقة أنه في واقع الحال عبارةً عن قاعدةٍ أمريكيةٍ، تشارك أمريكا باحتلالها، ومن خلال احتلالها في الاحتلال للأراضي الفلسطينية.
من الإساءة للقرآن الكريم، والإساءة إلى الإسلام، والإساءة إلى رسول الإسلام، رسول الله محمد “صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، ومن التنكر لقيم الإسلام، أن يستمر العدو بارتكاب تلك الجرائم الفظيعة، ضد شعبٍ مسلم بين أمته، محيطه كله من أمته.
فيما مضى، وقبل عقودٍ من الزمن، كانت مأساة المسلمين في البوسنة والهرسك، وكان من أكبر المشاكل بُعد المنطقة تلك عن العالم الإسلامي على المستوى الجغرافي، وصعوبة الإمداد والتعاون على المستوى المباشر، ومع ذلك كان بالإمكان فعل الكثير آنذاك، وقصَّر المسلمون تقصيراً كبيراً تجاه مأساة الشعب المسلم في البوسنة والهرسك.
لكن ما يحصل اليوم ضد الشعب الفلسطيني، شعب من هذه الأمة، وهو بين العرب، وفي وسط العالم الإسلامي وفي محيطٍ عربيٍ وإسلامي، يستطيع أن يدعم، وأن يساند، وأن يقدم الكثير، ولكن هناك تقصيرٌ واضح من أكثر العرب ومن أكثر المسلمين.
ومن الإساءة للقرآن، والإسلام، ولرسول الإسلام، أن يتضور الشعب الفلسطيني جوعاً إلى درجة الوفيات، وفيات من سوء التغذية، ومن انعدام التغذية، وفيات بين الأطفال والنساء والمرضى، وتفرُّج أغلب العرب وأكثر المسلمين، وهذا شيءٌ مؤسفٌ جداً! ومع الحج، ليتذكر الحجاج أن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة حُرِمَ أيضاً من الحج إلى بيت الله الحرام.
ومن الشيء المؤسف جداً، أنه مع كل ما يحدث، تتجه بعض الحكومات، وبعض الأنظمة العربية، لتشارك في مناورات تحت الإشراف الأمريكي مع العدو الإسرائيلي، تشترك مع العدو الإسرائيلي في تلك المناورات، وهي بإشراف أمريكي، والأمريكي معروف ما هو دوره في الإجرام الإسرائيلي الصهيوني في قطاع غزة، وأنه شريكٌ أساسيٌ، وأن دوره يصل إلى مستوى أنه: من دون دعمه ومشاركته ما كان العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ليستمر كل هذا الوقت، ولا ليصل إلى المستوى الذي وصل عليه من الإجرام الفظيع، والإبادة الجماعية، والجرأة والوقاحة جداً في فعل ما يفعله هناك، فتتجه بعض الدول العربية، وبعض الأنظمة والحكومات للمشاركة في تلك المناورات، تحت إشرافٍ أمريكي، وباشتراكٍ للعدو الإسرائيلي، وتحمل عناوين متعددة، من تلك العناوين: الأسد المتأهب، ومنها عنوان: الغضب العارم، ومنها عنوان: الأسد الأفريقي.
عندما نأتي إلى هذه العناوين: الأسد، أيُّ أسد؟! الدول العربية التي تتفرج على الشعب الفلسطيني وهو يقتل، في إبادةٍ جماعية يقتل الأطفال والنساء، وتسمع صراخ واستغاثة الأطفال والنساء في قطاع غزة، ثم لا تفعل أي خطوة عملية، أسدٌ على من؟! وغضبٌ عارم على من؟! ولمن؟! ولأجل من؟! أسدٌ أفريقيٌ على من؟! عندما تكون مثل تلك المناورات، وبهذه العناوين، في طار المشاركة مع العدو الإسرائيلي، وتحت الإشراف الأمريكي، يتضح أنه لا أسد يُعبِّر عن موقف الأمة، ويتجه في إطار موقفٍ شجاعٍ شجاعة حقيقية، لنصرة الشعب الفلسطيني المظلوم، أو لقضايا تعود إلى مصلحة الأمة، ولا حتى لمصلحة الشعوب التي تتحكم بها تلك الأنظمة، ليست من قضايا هذه الأمة، ولا من قضايا هذه الشعوب، فلا الأسد المتأهب، ولا الأسد الأفريقي، ولا الغضب العارم، يتجه في إطار خدمة الأمة، ولكنه تحت الإشراف الأمريكي، يُوَجَّه لخدمة أعداء هذه الأمة، هذا مؤسفٌ جداً، مؤسفٌ جداً!
ومن المؤسف أيضاً ما كشف عنه موقع (إكسيوس) الأمريكي، أنه حصل اجتماع، اجتماع برعاية وإشراف أمريكي، ومشاركة لبعض الأنظمة العربية مع العدو الإسرائيلي، واجتماع عسكري، اجتماع عسكري بمشاركةٍ مع العدو الإسرائيلي، من أجل تعزيز التعاون المشترك؛ لحماية العدو الإسرائيلي، من الهجمات التي تأتي من جبهات الإسناد، وهذا أمرٌ مؤسفٌ جداً، أن تتحرك بعض الأنظمة العربية، لتجعل من نفسها مترساً لحماية العدو الإسرائيلي، بدلاً من أن تسهم بأي شيء من أجل الشعب الفلسطيني! في الحد الأدنى لو أنهم تفرجوا، وحايدوا، مع أنها معركة لا يجوز الحياد فيها، على الإنسان أن يقف موقف الحق، لمناصرة الشعب الفلسطيني، لكن إذا لم تكونوا في المستوى الأخلاقي، والقيمي، والإنساني، والديني، والقومي، إلى درجة أن تقفوا الموقف المشرِّف مع الشعب الفلسطيني، فلا تتآمروا ضده، ولا تتجهوا لتسخير إمكانات شعوبكم وبلدانكم في خدمة العدو الإسرائيلي، ولتجعلوا من أنفسكم مترساً يتترس به، ويحتمي به، هذا شيءٌ مؤسفٌ جداً! ومشاركة بكل ما تعانيه الكلمة مع العدو الإسرائيلي، فيما يرتكبه من جرائم ضد الشعب الفلسطيني، ومشاركة في كل ما يعانيه الشعب الفلسطيني، من معاناة، من مأساة، من جوع، من ظلم، من قتل… وغير ذلك. ذلك الإسهام مع العدو الإسرائيلي، تلك الطمأنة، ذلك التدخل لمصلحته وحمايته، هو إسهامٌ في جرائمه، ومشاركةٌ في عدوانه، التي تستهدف الشعب الفلسطيني.
لماذا؟ لماذا هذا التواطؤ، هذا التعاون مع العدو الإسرائيلي؟ ولماذا التخاذل الكبير من أكثر الأنظمة والحكومات، بل ومن أكثر الشعوب، تتعاطف بقلبها، ولكنها لا تتحرك على المستوى العملي على نحوٍ فاعل، حتى في الخطوات البسيطة المتاحة، على مستوى الفعل المؤثر المهم على مستوى التأثير، مثل: المقاطعة الاقتصادية، والنشاط الإعلامي… ونحو ذلك، لماذا هذا التواطؤ والتخاذل؟
لو أن أولئك المتواطئين، والذين يشاركون في مثل تلك المناورات مع العدو الإسرائيلي تحت الإشراف الأمريكي، ويشتركون في تلك اللقاءات والاجتماعات، ويشتركون فعلياً في تحريك قدراتهم العسكرية لحماية العدو الإسرائيلي، واعتراض الصواريخ والطائرات المسيَّرة، التي توجَّه لاستهداف العدو الإسرائيلي تضامناً مع الشعب الفلسطيني في غزة، وإسناداً للمجاهدين في غزة، لماذا هذا التواطؤ؟ ما الذي يدفع بعض الأنظمة العربية إلى أن تتخذ هذا الموقف، وتتجه هذا التوجه؟ ألَا تأخذ العبرة؟! العبرة أولاً من صمود المجاهدين في غزة، يعني: واقع العدو الإسرائيلي، بل والواقع الأمريكي معه، ليس إلى درجة أن نتوقع أن تلك الأنظمة رأت نفسها في وضعية ليس أمامها أي خيار آخر، أنها عاشت ضغطاً شديداً، وحالةً رهيبة، ولم تستطع، وفقدت تماسكها نهائياً، وأصبحت مقهورة، ومغلوبة، وخاضعة، ومُسيَّرة، إلى درجة ألَّا تستطيع أن تتبنى أي موقف آخر، ولو حتى إلى مستوى الحياد.
واقع العدو الإسرائيلي، والواقع الأمريكي بنفسه، هو واقع لا يمتلك مثل هذا الضغط، إلى الدرجة التي تبرر لنفسها تلك الأنظمة ما فعلته، لو أخذوا الدروس:
أولاً من صمود المجاهدين في غزة، المجاهدون في غزة بإمكاناتهم المحدودة جداً، التي لا تقارن- أصلاً- بحجم ما تمتلكه تلك الأنظمة العربية من ترسانة حربية ضخمة، وإمكانات اقتصادية هائلة، الإخوة المجاهدون الأعزاء في قطاع غزة، بإمكاناتهم المحدودة، يتصدون للعدو الإسرائيلي على مدى ثمانية أشهر، في معركة مستمرة لم تتوقف، وينكّلون به، ويلحقون به الخسائر، على المستوى البشري، وعلى مستوى العتاد الحربي والإمكانات، وهم صامدون، وثابتون، ومستمرون، ومتماسكون، على المستوى المعنوي: معنوياتهم عالية، على مستوى والفعل والتأثير: ينكّلون بالعدو، ويواجهونه بفاعلية. لماذا لم تأخذ تلك الأنظمة العربية الدرس من صمودهم وثباتهم؟
لماذا لم يأخذوا الدرس من صمود الحاضنة الفلسطينية (الشعب)؟ الشعب الفلسطيني الأعزل، والنازحين في قطاع غزة، في صمودهم، وثباتهم، وبقائهم بالرغم من الإبادة الجماعية، والقتل اليومي، والتجويع، والمعاناة بكل أشكالها، المعاناة حتى من الظمأ، ومن قلة المياه، مياه الشرب حتى، لماذا لا يستفيدون درساً من صموده وثباته، ثم يخجلوا على أنفسهم كأنظمة لديها إمكانات وقدرات؟
لماذا لا يأخذون الدرس ويستفيدون من موقف جبهات الإسناد، وموقفها المشرِّف، ومن ضمن ذلك موقف شعبنا اليمنى، وموقف بلدنا على المستوى الرسمي والشعبي؟ هو درس لكل الأنظمة. بلدنا بالرغم من معاناته الكبيرة جداً، والحرب التي عليه، والحصار الذي عانى منه، والمحاربة والمقاطعة، والهجمة الشاملة ضده، ومع ذلك يقف الموقف المشرِّف اللائق، المعبِّر عن إنسانيته، وأخلاقه، ودينه، وقيمه، لماذا لا يستفيدون من هذا الدرس، ومن بقية جبهات الإسناد؟
لماذا لا يستفيدون من التحرك الطلابي والمجتمعي الشعبي، في دولٍ كثيرة في العالم؟ حتى في أمريكا، وفي أوروبا، وفي أمريكا اللاتينية، وفي دول آسيوية، في اليابان وغيرها، دول ليست من العالم الإسلامي، وليست من بلاد العرب، وارتباطها مع الشعب الفلسطيني العلاقة علاقة إنسانية.
أمَّا أنتم كعرب، فيفترض أن العلاقة إنسانية، قومية، إسلامية، وأكثر من ذلك، فلماذا؟! لماذا تتخاذلون إلى هذه الدرجة، ثم لا تكتفون بالتخاذل، بل تساهمون مع العدو الإسرائيلي في حمايته، وطمأنته، وتحريضه، وتشجيعه، والبعض- كما يحكى لنا، وكما تصلنا الأخبار- يُقَدِّم المال أيضاً للعدو الإسرائيلي، ينفق للعدو الإسرائيلي أموالاً طائلة، ويساهم في دماء الشعب الفلسطيني بما يُقَدِّمه من أموال؟!
من المعيب، من العار، من الخزي، أن يتحرك البعض بالدافع الإنساني، في أمريكا من الطلاب في الجامعات، وعلى المستوى الشعبي، وفي أوروبا، في كندا، في أستراليا، في أفريقيا، في أمريكا اللاتينية، في بلدان كثيرة، ثم لا يرقى مستوى الموقف لدى بعض الدول العربية، لا إلى مستوى إتاحة المجال للتحرك الشعبي، ليكون لشعوبها صوتاً مسموعاً، وإسهاماً بالتبرعات وغيرها، لا، بل تُكَبِّل شعوبها عن أي تحرك، عن أي تضامن، تكبل الطلاب في الجامعات والمدرسين، فلا يجرؤون لا أن يتحركوا أي تحرك، ولا أن يكون لهم أي صوت مسموع، ثم على مستوى أي تعاون، أو موقف، أو تحرك جاد، على المستوى العملي لا شيء.
التحرك الطلابي في الغرب، بالرغم من القمع، والاضطهاد، والسجن، والضرب، والإذلال، والممارسات التي تستهدف التضييق عليهم، لدرجة فصل بعضهم من الجامعات، أو التعسف عليهم في قرارات، بل وصل الحال إلى درجة منع وصول الغذاء إلى المعتصمين، هذا من الأساليب الجديدة، التي تستخدمها الشرطة البوليسية القمعية في أمريكا وفي بعض الدول الأوروبية، يمنعون دخول الغذاء إلى المعتصمين، يمنعون عنهم حتى الأكل، يحاصرونهم من وصول الغذاء إليهم، ورغم ذلك هم متحركون، مستمرون، نشطون، مُصِرَّون على مواصلة تحركهم بالدافع الإنساني، لماذا تموت الإنسانية عند بعض العرب؟! يموت كل شيء، كل شيءٍ مات فيهم، الضمير الإنساني لديهم مات، الإحساس والشعور الإيماني والإسلامي انتهى، الأخلاق والقيم تلاشت، كل شيءٍ انتهى عندهم.
أيضاً لماذا لم يستفيدوا من موقف بعض الدول في أمريكا اللاتينية؟ بعض الدول في أمريكا اللاتينية قطعت علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع العدو الإسرائيلي وقاطعته، وتكلمت بموقف قوي وعبارات قوية، هناك تجد فعلاً موقف غضب عارم، في محله، في الاتجاه الصحيح، غضب عارم في الاتجاه الصحيح، فيقطعون علاقاتهم مع العدو الإسرائيلي، على المستوى الاقتصادي، على المستوى السياسي والدبلوماسي، ويتكلمون بجرأة وقوة، ويوصِّفون جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني توصيفات قوية، عبارات لم يجرؤ بعض الزعماء العرب أن يتكلم بها، لم يجرؤ أن ينطق بها.
لماذا لم يستفيدوا من موقف حتى بعض الدول الأوروبية؟ أصبحت متقدمةً في موقفها على بعض الدول العربية، اتخذت خطوات عملية، وقطعت علاقاتها، وقاطعت على مستوى معيَّن، على المستوى الاقتصادي… وغير ذلك.
لماذا لم يستفيدوا ويأخذوا الدرس من الفشل الواضح، والاخفاق الواضح المتجلّي للعدو الإسرائيلي، في عدوانه على قطاع غزة، بالرغم من الدعم الأمريكي، والمشاركة الأمريكية، والدعم البريطاني، وهو لا يزال في اخفاق وفشل واضح؟! يعني: أنه في وضعية يعترف فيها قادته، ومسؤولوه، وضباطه، ووسائل إعلامه، أنها فضيحة، الوضعية التي هو فيها من العجز، لم يتمكن من إنهاء تحرك المجاهدين في قطاع غزة، ولا من القضاء عليهم، ولا من التخلص منهم، لم يتمكن من ذلك، بالرغم من إمكاناتهم المحدودة، لم يتمكن من استعادة أسراه، لم يتمكن من إحكام السيطرة الكاملة، أهدافهم المعلنة لم يتمكن من تنفيذها وتحقيقها.
الفشل كل هذه الأشهر هو درس لكم، عبرة لكم، وأعني تلك الأنظمة التي تدخل في حالة تواطؤ وتعاون مع العدو الإسرائيلي، وكذلك للمتخاذلين، إذا كانت هي الرهبة، إذا كان هو الخوف الذي يمثل عاملاً مؤثِّراً عليكم، فكل هذا كان ينبغي أن يخفف من خوفكم، أن يشجعكم، على أن تكونوا في موقفٍ إيجابي، وفي موقفٍ أفضل، ولو على مستوى معيَّن، لمساندة المجاهدين في قطاع غزة، خطوات إيجابية نحوهم، مساندة ودعم لهم، وكذلك على مستوى الشعب الفلسطيني، والحاضنة في غزة، كذلك على مستوى الموقف من العدو الإسرائيلي، في قطع العلاقات الدبلوماسية، والسياسية، والاقتصادية… وغير ذلك، كل هذا كان يفترض أن يشجعكم، أو أنَّه أثَّر عليكم أيضاً أن العدو الإسرائيلي بعد ثمانية أشهر من العدوان والإجرام، والقتال والاعتداء، والجرائم الفظيعة جداً، تمكّن من استعادة أربعة أسرى بعد ثمانية أشهر، بكل ما قد فعله، وبمشاركة- وليس لوحدهم- بمشاركة أمريكية في نفس العملية: عملية استعادة أولئك الأسرى الأربعة، بمشاركة أمريكية، وبعد ثمانية أشهر؟ هذا ليس نجاحاً، ولا قوةً أيضاً، وإذا كان سيتمكن من استعادة أسراه بهذه الوتيرة، معناه: أنه سيحتاج إلى مائتين وأربعين شهراً، يعني: لسنوات طويلة، يحتاج إلى أن يبقى لسنوات طويلة، وقد لا يتمكن أصلاً، ولذلك لا مبرر أبداً لتواطؤ بعض الأنظمة العربية، ودخولها في إطار مشاركة وإسهام لصالح العدو الإسرائيلي.
عندما نأتي إلى صمود الإخوة المجاهدين في قطاع غزة، مع طول الفترة التي قد مضت، والتصعيد الكبير من قبل العدو الإسرائيلي، والمشاركة الأمريكية والبريطانية، على المستوى المعلوماتي، والاستخباراتي، والدعم، والتخطيط، وأحياناً المشاركة الأمريكية في إدارة العمليات والقتال، فنجد أن صمودهم هو- فعلاً- آيةٌ من آيات الله، ودليلٌ على إيمانهم، ووعيهم، وثباتهم، وإنسانيتهم، وأنهم يحظون بمعونةٍ من الله، وتأييدٍ من الله، صمودهم صمودٌ عظيم ومُنَكِّلٌ بالعدو، وهم يستمرون في كل محاور القتال (من شمال القطاع، إلى وسطه، إلى رفح) في القتال بفاعلية وتأثير، ينكِّلون بالعدو، ينفِّذون العمليات النوعية، كما لوحظ في هذا الأسبوع في محور رفح، تنفيذ عمليات نوعية في التنكيل بالعدو، رشاقاتهم الصاروخية مستمرة، باتجاه ما يسمى بغلاف غزة، تنكيلهم بالعدو بوسائل متنوعة مما بأيديهم: بالعبوات الناسفة، والكمائن المفخخة، وبمدفعية الهاون، بالقناصة، بالاشتباك المباشر، بكل الوسائل المتاحة والمتوفرة بأيديهم، هم يستمرون بفاعلية، وتنكيل كبير بالعدو، وكذلك استهدافهم مستمر لآلياته العسكرية، وتظهر مشاهد الفيديو، مشاهد الفيديو هي شيءٌ قليل مما يجري في الميدان، ما يحصل في الميدان من اشتباك مع العدو، ومن تنكيل بالعدو، هو أكبر بكثير مما يظهر في وسائل العلام.
أيضاً من أهم ما يجري في قطاع غزة هو: مستوى التعاون، والتنسيق، والتوحد بين الفصائل الفلسطينية المجاهدة في القطاع، وبأفضل من أي مرحلةٍ مضت، وكذلك على مستوى الجبهة السياسية، حالة التوحد التعاون بين فصائل المجاهدين، سواءً على مستوى حركة حماس وكتائب القسام، وحركة الجهاد الإسلامي وسرايا القدس، أو بقية الفصائل المتواجدة في القطاع، والمشتركة في الجهاد في سبيل الله، والتصدي للعدو، هناك تعاون، وتنسيق، وتوحد، بأفضل من أي مرحلة قد مضت، وهذا مبشر خير، في مقابل ما عليه العدو الإسرائيلي من تباين، من نزاعات، من اختلافات، من استقالات، وحالة التباين في الوضع الإسرائيلي حالة واضحة، ظهرت للعلن استقالات من أعلى المستويات لديهم هم، وهكذا تتضح الحالة التي تبيِّن حقيقة ومآلات الوضع الراهن، أن الإسرائيلي في فشلٍ وإخفاقٍ حقيقي، وهذه مسألة واضحة، وأن وضع الإخوة الفلسطينيين إلى خير بمعونة الله وبتوفيقه.
عندما نأتي إلى جبهات الإسناد، وأولها: جبهة حزب الله؛ باعتبارها جبهة متقدَّمة، وفاعلة، ومؤثِّرة، والأكثر تأثيراً في جبهات الإسناد، وهي مستمرة في التصعيد الكبير ضد العدو، وتستخدم القصف الصاروخي المكثف، ومن ضمن ما يُستخدم في القصف المكثف الذي يُستهدف به العدو الإسرائيلي في شمال فلسطين، القصف بـ(صاروخ بركان)، صاروخ بركان برؤوس حربية وزن ألف إلى ألفي رطل، هو يلحق تدميراً قوياً بالعدو الإسرائيلي، وينكِّل به، ويترك دماراً هائلاً في القواعد العسكرية، والثكنات العسكرية، وينكِّل بالجيش الإسرائيلي.
الطائرات المسيَّرة التي يطلقها حزب الله على العدو الإسرائيلي، تخترق إمكانات الحماية لدى العدو، بل نجح حزب الله بوسائله، وبما يقوم به من قصف، نجح حتى في استهداف منصات القبة الحديدية، المنصة بنفسها تُضرب وتستهدف، وتتم الإصابة لها، والتأثير عليها بشكلٍ مباشر.
العدو الإسرائيلي في حيرةٍ من أمره تجاه جبهة حزب الله؛ لأنَّها جبهة فاعلة، ومؤثرة، وموجعة، إن استمر الحال على ما هو عليه؛ فالتأثير موجع على العدو الإسرائيلي، وإن تورَّط العدو الإسرائيلي في حربٍ شاملة مع حزب الله؛ فهو يدرك العواقب الخطيرة والمدمرة، التي يتحدث عنها كثيرٌ من قادته، وضباطه، وسياسييه، وتتحدث عنها وسائل إعلام، وتتوقع كارثة على العدو الإسرائيلي، وعلى الكيان؛ لذلك هناك تأثير مهم جداً لدعم الجبهة الفلسطينية من جهة حزب الله في جبهة الإسناد في لبنان.
جبهة العراق مستمرة أيضاً، وأعلنت المقاومة الإسلامية في العراق عن تنفيذ خمس عمليات في هذا الأسبوع، ضد أهداف حيوية للعدو الصهيوني في فلسطين المحتلة، وفي الجولان أيضاً.
هناك أيضاً المسار المهم، الذي هو في إطار المرحلة الرابعة من التصعيد، وهو: العمليات المشتركة بين إخوتنا الأعزاء المجاهدين في المقاومة الإسلامية في العراق، والجيش اليمني، ونُفِّذَ في هذا الأسبوع عمليتان مهمتان جداً، بعددٍ من الصواريخ المجنَّحة، والطائرات المسيَّرة، واستهدفت أهدافاً مهمة، مؤثِّرة على العدو الصهيوني.
في جبهتنا في اليمن، جبهة اليمن جبهة يمن الإيمان، والحكمة، والجهاد، بلغت إحصائية عمليات الإسناد في هذا الأسبوع فقط، في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدَّس بعون الله تعالى (أحد عشر عملية)، نُفِّذت بـ (واحدٍ وثلاثين صاروخاً باليستياً ومجنَّحاً، وطائرةً مسيَّرة، وزورقاً حربياً)، وبهذا بلغ عدد السفن المستهدفة إلى الآن (مائةً وخمسةً وأربعين سفينة)، مرتبطة بالعدو الإسرائيلي، وبالأمريكي والبريطاني، منها: سفينة استُهدفت بالأمس، وهي معرَّضةٌ للغرق، دخلت إليها المياه، وتضررت، وتستنجد، هذا يأتي أيضاً كتصعيد في إطار المرحلة الرابعة.
والتصعيد في إطار هذه المرحلة مستمر، وفعَّال، وإن شاء الله يكون إلى ما هو أكبر، وبفاعلية أكثر بإذن الله تعالى؛ لأنه مع المسار العملياتي المستمر، هناك مسار تطوير، ونشاط مكثف في مسار التطوير على المستوى التقني؛ للمزيد من الفاعلية، ولتجاوز إمكانات الأعداء بالذات في الاعتراض والتشويش، ولتوفير الزخم في العمليات، التطوير على المستوى التقني، وعلى المستوى التكتيكي، وكذلك على المستوى المعلوماتي؛ لأن النجاح فيه مهمٌ جداً، والدليل عليه: نجاح الجانب العملياتي، وهو مؤثرٌ باستمرار على اقتصاد الأعداء، الاقتصاد الإسرائيلي متأثر ومتضرر، وهم يعترفون بشكلٍ مستمر، يومياً في وسائلهم الإعلامية، وواقعهم يشهد بذلك، ارتفاع الأسعار بشكل مستمر، ندرة بعض المواد الأساسية، إعاقة تصدير بعض المواد الأساسية، التأثير على المستوى العام لديهم، مستوى الإيراد المالي والاقتصاد بشكلٍ عام، هذا واضح، نحن نتجنَّب الدخول في التفاصيل؛ لأنها كثيرة جداً، ونتركها للمجال الإعلامي، الذي ينبغي أن يركِّز عليها بالتفصيل، نحن سيضيق بنا الوقت عندما ندخل في تفاصيلها.
كذلك فيما يتعلق بالاقتصاد الأمريكي، الانزعاج الأمريكي شديدٌ جداً، الأمريكي غاضب، ومنفعل، ومتهور، ومحتار أيضاً، ويسعى لتوريط الآخرين؛ لأن كل خطواته لم تفده شيئاً في الضغط على الموقف اليمني، المؤثِّر عليه، على سفنه، الذي أيضاً أوصله إلى درجة العجز في حماية الحركة الإسرائيلية في البحر، الأمريكي لم يستطع أن يقدِّم للإسرائيلي وكان قد وعده، وعده بأنه سيقدِّم له الحماية لمصالحه وحركته الملاحية في البحر الأحمر، ستحظى بالحماية الأمريكية، والحماية البريطانية، وحماية من يتحالف معهم من الدول، فشل الأمريكي في ذلك فشلاً تاماً، والإسرائيلي يعبِّر بمرارة عن فشل الأمريكي في تنفيذ وعده له بحماية سفنه، والسفن المرتبطة به، والمتعاقدة معه، والتي تتحرك لصالحه في التجارة، الأمريكي فشل في ذلك، ثم فشل أيضاً في حماية سفنه، بعد أن تورَّط، وحتى في حماية قطعه الحربية التي تهرب عندما تستهدف، تهرب وتفر في البحر، إلى أن تصل إلى طرف البحر الأحمر، وهي هاربة، ومنها أيضاً [آيزنهاور]، التي هربت، كما هرب غيرها عندما استهدفت، وهذه حقيقة مؤكدة.
اقتصاد البريطاني كذلك في تضرر مستمر، والأمريكي هو يسعى باستمرار للضغط على موقف بلدنا، على المستوى الرسمي، وعلى المستوى الشعبي، وعلى مستوى العمليات العسكرية:
- أولاً: بغاراته، الغارات الجوية هو مستمرٌ فيها مع البريطاني، وبلغت هذا الأسبوع (اثنان وعشرون غارة) في محافظة الحديدة، وفي صنعاء، في محافظة ريمة، وارتقى في المجمع الحكومي في ريمة (في مديرية الجبين في ريمة) شهيدان وأصيب تسعة جرحى من المواطنين، استهدف المجمع الحكومي، ليس قاعدة صاروخية، ولا موقعاً عسكرياً، ولا شيء، مجمعاً إدارياً مدنياً واستهدفه، أصيب فيه البعض من إخوتنا المواطنين هناك، واستشهد منهم أيضاً.
- الأمريكي يسعى أيضاً في عدوانه على بلدنا بالضغط في الملف الإنساني، وإيقاف كل المساعدات التي تأتي إلى شعبنا العزيز المظلوم عبر المنظمات، وعبر الأمم المتحدة.
- يسعى باستمرار فيما يتعلق بالضغط في الملف الاقتصادي، ويسعى في هذا الملف بالتحديد إلى توريط النظام السعودي.
النظام السعودي أنا أنصحه ألَّا يتورط؛ لأننا نحن في حرب، الحرب بالنسبة لنا ليست شيئاً جديداً، وفي معاناة كبيرة نتيجة العدوان على بلدنا، عدوان مستمر لسنوات، وعدوان أيضاً مضافٌ إليه تصعيد أمريكي وبريطاني، ولكن لن نقبل بأن تكون المعادلة أن يُخنَق شعبنا، وأن يجوَّع شعبنا، وأن يتَّجه الآخرون للإضرار بشعبنا، ثم يكونوا هم في راحة ورفاهية، ولا ينالهم أي ضرر.
من يريد أن يُلحِق الضرر بشعبنا؛ فسيلحق به الضرر، جرأتنا واضحة في موقفنا الحق، في موقفنا الحق؛ لأن هذا جزءٌ من مسؤوليتنا الإيمانية والدينية والإنسانية بيننا وبين الله، وتجاه شعبنا العزيز، جرأتنا واضحة حتى تجاه الأمريكي الذي تجعلون منه آلهة، تخشعون لها، وتخضعون لها، وتركعون لها، موقفنا في جرأة واضحة حتى تجاه البريطاني، الذي أيضاً تنظرون إليه نظرة إكبار، ونظرة تعظيم وإجلال.
ولذلك ليس هناك أي نوايا عدائية من جهتنا ناتجة أي بلد عربي، ولكننا لا نقبل أن يتَّجه أي نظام عربي لإلحاق الضرر بشعبنا، خدمةً لإسرائيل، طاعةً لأمريكا، أي موقف سعودي في هذا التوقيت ضد شعبنا، هو- قطعاً ويقيناً وبكل وضوح- خدمةً للعدو الإسرائيلي، ومناصرةً له، طاعةً لأمريكا، ونحن نحذر، وليس من مصلحة أحد أن يورِّط نفسه، ويورِّط مصالحه ويعرِّضها للخطر خدمةً لإسرائيل، لماذا؟! لماذا؟! ما الذي يدفعكم إلى أن تكون وجهتكم وهمكم هو التودد إلى إسرائيل، مفاوضات، وأخذ ورد، لتتحول مأساة غزة إلى صفقة تطبيع، ثم اتِّجاه عدائي ضد الشعب اليمني لتجويعه، وإلحاق المعاناة به، ومضايقته في لقمة عيشه، في هامش صغير جداً في وضعه الاقتصادي، بعد نهب ثرواته، واحتلال مصادر ثروته النفطية والغازية، وثروته الوطنية والسيادية، ثم الملاحقة له حتى في ذلك الهامش البسيط، لماذا كل هذا التودد للعدو الإسرائيلي؟ هو كما قال الله تعالى في القرآن الكريم: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ}[المائدة: من الآية52]، مَرَض، مرض قلوب؛ لأن ما تفعلونه لخدمة العدو الإسرائيلي، والطاعة للأمريكي، لا يدخل في عِداد مصلحة لكم أبداً، مصلحة لشعبكم، أو مصلحة قومية، ولا أي شيء، خدمة تضرُّ بكم، وتسيء إليكم، وتخزيكم، وتنفع العدو الإسرائيلي، لكنها لن تفيدكم شيئاً.
الأمريكي تلقى أيضاً على المستوى الأمني، وفي الجانب الأمني، صفعةً كبيرة– بعون الله تعالى- على يد الأجهزة الأمنية، وكشفت الأجهزة الأمنية في هذا الأسبوع، في إعلانها، عن تفكيك شبكة تجسس هي الأخطر في تاريخ البلد، على مستوى تاريخ اليمن أخطر شبكة تجسس كانت تعمل لصالح الأمريكي، والبعض منهم، من العاملين في تلك الشبكة، كانوا أيضاً يعملون لصالح العدو الإسرائيلي.
تلك الشبكة كانت تشتغل في مهام متنوعة:
- أولها: جمع المعلومات والبيانات، في مختلف المجالات والمواضيع، حسب الطلب الأمريكي، وشمل ذلك: كل الوزارات والوحدات الإدارية في الدولة، وكذلك ما يطلبه الأمريكي من المعلومات والبيانات مما هو في إطار الوسط الشعبي.
- ثانياً: الاختراق لمختلف الوزارات والجهات الحكومية والرسمية؛ وذلك للتأثير في مختلف المجالات: الاقتصادية، ومنها: الزراعية، والتعليمية، والأمنية، والخدمية، ومنها: الصحة بشكلٍ أساسي، والسياسية، والإعلامية، والثقافية؛ بهدف تمرير السياسات الأمريكية العدائية، وإعاقة أي توجه أو خطط ناجحة لمصلحة الشعب اليمني، من خلال التأثير السلبي على الخطط، والقرارات، والسياسات، والتوجهات، داخل الجهات الرسمية نفسها.
وهذا كان اختراقاً خطيراً، وحققوا على مدى السنوات الماضية- لأنَّ هذا منذ سنوات طويلة، منذ سنوات طويلة وهم يعملون بهذا الشكل- حققوا نجاحات خطيرة جداً، ألحقت الضرر البالغ بشعبنا العزيز: على المستوى التعليمي، شعبنا يرى الوضع التعليمي وهو ينهار، ويتَّجه إلى تدنٍ وتراجع، كل شيء في البلد على مدى سنوات طويلة كان يتَّجه نحو الانهيار، في الوضع الاقتصادي، في الوضع التعليمي، في الوضع الصحي… في كل المجالات، على مدى سنوات طويلة، شعبنا يلمس ذلك، يلمس الفشل الكبير في أداء الجهات الحكومية والرسمية، فشلاً عجيباً جداً، خطط، قرارات، سياسات، كلها فاشلة، أداء رسمي فاشل، جزءٌ كبيرٌ من أسباب هذا الفشل يعود إلى ذلك الاختراق، هناك- فعلاً يعني- علاقة لمدى قلة الوعي، قلة الإخلاص، قلة الاهتمام، العمل لحساب المصالح الشخصية والحزبية… وغير ذلك من الاعتبارات، هذا كله له تأثير، ولكن هناك تأثير كبير لذلك الاختراق، يتَّضح في الوثائق والاعترافات، في الوثائق والاعترافات.
- من المهام التي قامت بها تلك الشبكة: الاستقطاب لعملاء، عملاء، يشتغل في موقع القرار بعمالة، لمصلحة أمريكا، وليس لمصلحة وطنه، ولجواسيس لخدمة أمريكا وإسرائيل، هذا من أهم ما اشتغلوا عليه.
أيضاً مما يتضح لنا: أنهم حتى في تلك المراحل التي كان لهم فيها علاقة بالسلطة والنظام في صنعاء، لم يحترموا أبداً العلاقة التي على أساس أنها علاقة إيجابية، يعني: النظام في صنعاء في سنوات ماضية ما قبل ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، كان يسعى بكل جهده إلى أن يكون له علاقة قوية بالأمريكيين، يخضع لهم، يتماهى معهم، يتوجه معهم فيما يشاءون ويريدون، يقول: [أنه يريد شراكةً معهم]، يتحدث، ويؤكد، ويبيّن، ويسعى عملياً لأن تكون علاقته بهم أقوى علاقة من أيِّ أحد في كل الدنيا، أقوى من أيِّ جهة عربية، أو إسلامية… أو أي دولة في العالم، هذا واضح، التصريحات، الخطابات، السياسات، المواقف، الإعلام، الصحف… كل شيء يشهد على هذه الحقيقة، مع ذلك لم يحترموا اليمن، في ظل وضعية السلطة فيها والنظام الرسمي يسعى إلى خدمتهم، إلى الشراكة معهم، إلى العلاقة القوية معهم، وهم يسعون لاختراقه، لانتهاك سيادته، للإضرار به، لإفشاله، حتى النظام بنفسه، السلطة بنفسها، الجهات الرسمية بنفسها، هي تتودد إليهم بكل أشكال التودد، تفتح لهم كل الأبواب، تسخِّر لقراراتهم ما يريدون، وهم يتَّجهون بها نحو ما فيه الضرر على الشعب اليمني، تدمير لكل شيء، والدفع نحو الانهيار في كل المجالات، هذا واضحٌ جداً في تفاصيل الوثائق، ومعها الاعترافات، فهم لم يقدِّروا الجميل أبداً، حتى لمن يريد أن تكون علاقته إيجابية معهم.
هذا درس كبير لشعبنا، وللنخب في بلدنا، للأحزاب، لمختلف الجهات التي لديها نظرة مغترة ومخدوعة بالأمريكي، وعبرة لبقية الشعوب، لبقية الدول، لبقية الحكومات؛ ليستفيدوا، ليسمعوا للاعترافات، وليطَّلعوا على الوثائق والأدلة.
أيضاً مما يلفت النظر: أنَّ النشاط التجسسي الأمريكي كان يلحظ استقطاب جواسيس، ويشرك العدو الإسرائيلي في نشاطه الاستخباراتي، وهذه قاعدة يعمل عليها الأمريكي في كل البلدان العربية والإسلامية، أي نشاط تجسسي أمريكي في أي بلدٍ عربي، في أي بلدٍ مسلم، هو يشرك فيه الإسرائيلي، يشرك معه الإسرائيلي، توأم، ويتحرك معه، وهذا ما حصل في تلك الشبكة.
ولذلك من المهم جداً لشعبنا العزيز، لكل الناس في بلدنا، لكل العرب، لكل المسلمين، لكل الناس، أن يستفيدوا مما يتم إعلانه وكشفه من حقائق عمَّا فعلته تلك الشبكة للأمريكي، بأمرٍ منه، تحت إشرافه، هو تجسس من جهته، عبر أولئك الذين خدعهم، وورطهم، واستغلهم، أن يدركوا، وأن يفهموا ويعوا، يا أيها الناس: اسمعوا وعوا، اسمعوا الحقائق عمَّا فعله الأمريكي، عن نشاطاته التخريبية، عن كيف يسعى لإلحاق الضرر بالشعوب في كل شيء: في اقتصادها، في زراعتها، في تعليمها، في صحتها… في كل المجالات، كيف توجهه العدائي، الحقود، الشيطاني، الإجرامي، الظالم، بغير مبرر، يندهش الإنسان! لماذا يريدون للناس الموت، والهلاك، والضر، والظلم، والفشل، والفقر؟ يريدون بالناس كل شر، كل سوء، ويشتغلون لذلك، يشتغلون لذلك، ماذا يريده الأمريكي؟ ماذا يسعى له؟ ماذا يخطط له؟ ما هي الوسائل والأساليب التي استخدمها؟ كيف اخترق المنظمات واشتغل من خلالها؟ كيف اخترق الأمم المتحدة واشتغل من خلالها؟ كيف يخترق الأجهزة الرسمية، والوحدات الإدارية، والمؤسسات الحكومية، ويشتغل من خلالها؟ وماذا يريد؟ كيف هي الأساليب؟ وما هي الوسائل؟
أتوجه إلى شعبنا العزيز للتركيز هذه الأيام على هذا الملف المهم، ما يأتي فيه عبر وسائلنا الإعلامية من تفاصيل، وهذه القضية قضية حقيقية، واقعية، مؤكدة، فيها آلاف الوثائق الدامغة، الفاضحة، الكاشفة، وفيها الاعترافات الموثَّقة، فالأدلة قاطعة، والاعترافات مرتبطة بحقائق ووقائع حصلت فعلاً، حصلت فعلاً في الواقع.
هذه الصفعة على المستوى الأمني، وهذا الانتصار الأمني، انتصار مهم ضد الأمريكي، الذي هو دائماً في موقع العدوان، والاستهداف للشعوب، والظلم لها.
فيما يتعلق بالأنشطة الشعبية، فهي- بحمد الله- مستمرة:
- المظاهرات، والمسيرات، والفعاليات، والوقفات: زادت على النصف مليون بستةٍ وسبعين ألفاً ومائة وواحد.
هذا النشاط- بحمد الله، بتوفيق الله، بمعونة الله، بهداية الله- غير مسبوق في تاريخ شعبنا العزيز، ولا مثيل له- فيما نعلم- في أيِّ شعبٍ، أو بلدٍ آخر، هذا يعبِّر عن الحالة الإيمانية، عن الضمير الإنساني الحي، عن الأخلاق، عن الشهامة، عن المروءة، عن القيم، كلما نظر شعبنا وسمع ومأساة الشعب الفلسطيني مستمرة، والعدو الإسرائيلي يواصل قتل الأطفال والنساء في غزة، وتجويع الشعب الفلسطيني، شعبنا يسمع بقلبه، بشعوره الإنساني، آهات، وصرخات، واستغاثات، وبكاء أطفال فلسطين، ونساء فلسطين؛ لأنَّه يعتبر الشعب الفلسطيني جزءاً من هذه الأمة، أولئك في غزة هم آباؤنا، الشعب الفلسطيني، أبناء الشعب الفلسطيني هم آباؤنا، وأمهاتنا، وأخواتنا، وأبناؤنا، هذه مشاعرنا نحوهم؛ لذلك لن نتَّجه إلى القعود، والجمود، واللامبالاة، والصمم، والتجاهل لما يجري هناك، فهذا هو بتوفيق الله، من نعمة الله ومن توفيقه، أن يكون هذا التحرك الذي يعبِّر عن مستوى الاهتمام.
وهذا الرقم الكبير هو مكتوبٌ عند الله، أهم من موسوعة غينتس، التي تأتي لتصدِّر أي رقم زائد، في كم أكل أحدهم من أطباق، أو كم تعدى من أمتار وهو يجري، أو في أي مجال من المجالات الأخرى، هذا في مجال المسؤولية الإنسانية، والإيمانية، والأخلاقية، والضمير الحي، هذا هو الرقم الذي يعبِّر عن رصيد إيماني وأخلاقي عظيم وكبير.
- وبلغت الأنشطة في التعبئة، من مناورات، وعروض عسكرية، ومسير عسكري: (ألف وتسعمائة وخمسة وخمسين نشاطاً).
- ومخرجات التدريب في التعبئة: (ثلاثمائة وثمانية وستين ألفاً ومائة وستة وتسعين متدرباً).
فالحمد لله هذا مسار عظيم، أُحييك يا شعبنا العزيز، سلام الله يغشاك، كتب الله أجركم، وبارك فيكم، وتقبل منكم هذا العمل، هذا الجهد، هذا التحرك المشرِّف، الذي قدَّم نموذجاً لكل العالم، لكل الشعوب، لكل الأمم، عن إنسانيتكم، وأخلاقكم، وقيمكم، وشرفكم، وشهامتكم.
في هذه الأيام نحن في العشر (عشر ذي الحجة)، لياليها مباركة، وورد في مختلف المذاهب الإسلامية الروايات على أنها المعنية بقوله تعالى: {وَلَيَالٍ عَشْرٍ}[الفجر: الآية2]، على مستوى الأيام أيامها مباركة، وورد أيضاً في قول الله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}[الحج: من الآية28]، أنَّ العشر هي من الأيام المعلومات، إن لم تكن هي، أو هي وأيام التشريق، فأيام مباركة، بركتها معروفة، فضلها معروف في أوساط المسلمين، العمل فيها مبارك، وأجره مضاعف، ومن ضمن ذلك: الإكثار من ذكر الله، الأعمال التي تمثل قربة عظيمة إلى الله.
من أعظم الأعمال قربةً إلى الله تعالى:
- الجهاد في سبيله، ونصرة المظلومين المستضعفين من عباده، من يعيشون مظلومية ومعاناة ومأساة سكان غزة، أهالي غزة، الشعب الفلسطيني في غزة، من في العالم هذه الأيام يعيش تلك المعاناة، المظلومية، جائعون، حتى الظمأ يعانون من الظمأ، لا يتوفر لهم حتى كفايتهم من الماء للشرب، يقتلون في كل يوم، يقتل أطفالهم، نساؤهم؟! مأساة كبيرة جداً، من أعظم القرب إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ولكي تكون بقية الأعمال مقبولة من صيامٍ، أو أذكار، أو نوافل، أن يكون للإنسان موقفٌ مسموع، أن يتحرك الإنسان في مثل هذه الأيام، أن يساهم.
- الإنفاق في مثل هذه الأيام في التبرع للشعب الفلسطيني، أجر ذلك كبير جداً، حتى لو كان قليلاً مع ظروف الإنسان الصعبة، أجره كبيرٌ عند الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
- الخروج أيضاً في الساحات، والمظاهرات، والوقفات، والفعاليات، والصوت الذي هو صوتٌ مساند لأولئك المظلومين، من إخوتنا في قطاع غزة، أبناء الشعب الفلسطيني المظلوم، كل الأعمال.
- أيضاً العمليات العسكرية في هذه الأيام مباركة، الضربات الصاروخية، العمليات البحرية، عمليات الطيران المسيَّر… وهكذا الجميع، الجميع مطلوبٌ منهم أن يستفيدوا من بركات هذه الأيام في القربة إلى الله في هذا الجانب.
شعبنا العزيز في خروجه المليوني المبارك الأسبوعي، في يوم الجمعة، هو أيضاً ينفر؛ لأن المقام مقام حركة، هو نفير، وخروج، وعمل، وموقف، والله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” حينما قال في القرآن الكريم: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}[التوبة: من الآية41]، يُجسِّد شعبنا العزيز في خروجه الأسبوعي هذا النفير، وبشكلٍ راقٍ وعظيم، في ميدان السبعين، وفي بقية المحافظات والمديريات، نرى الآباء الأعزاء من كبار السن يحضرون برغبة، بتفاعل، باهتمام، يعبِّرون بإيمان، وشجاعة، وصدق، وجد، نرى الشباب، نرى الكبار، نرى الصغار، بتفاعلٍ عظيم ومنعش، وحضورٍ مبارك، وجوٍ إيمانيٍ وجهاديٍ وإنسانيٍ، جوٍ عظيم، شعب هو على قيد الحياة، شعب حر، وعزيز، ومؤمن، ومسلم، ويخرج بشجاعة، وجرأة، وقيم، لا مجال للملل، ولا للكلل، لا للفتور؛ لأن الموقف هو موقف تحرك، كلما استجدت جرائم للعدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وكلما استمرت مأساة الشعب الفلسطيني ومعاناته؛ سنواصل، سنستمر، سنثبت، سنؤدِّي ما نستطيع، ونسعى لأكثر مما نقدِّم، وأكثر مما نعمل، ونسعى إلى الفتك بالعدو أكثر وأكثر، وهذا ما نأمله، ونسعى له، ونحرص عليه.
هذا الأسبوع الذي ارتكب فيه العدو جرائم رهيبة، بالرغم من ذلك، هنالك تخاذل وصمت في كثيرٍ من البلدان، وحالة الكثير من الأنظمة في العالم العربي والإسلامي، هي حالة مشابهة لما قاله الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” عن أمثالهم في زمن رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ}[البقرة: الآية18]، فعلاً صمم، (بُكْمٌ)، لا نسمع لهم كلمة، كلمة تعبِّر عن موقفٍ صادقٍ شجاع، (عُمْيٌ)، لا ينتبهون لما يجري من حقائق، ولا يسمعون لأصوات الشعب الفلسطيني ومعاناته.
لكن شعبنا العزيز شعبٌ يسمع، سَمِعَ، سَمِعَ بمشاعره ووجدانه، ورأى، رأى بعين المسؤولية، بعين الضمير، بعين الإيمان؛ ولذلك يتحرك، ويبادر، يتألم، يشاطر الشعب الفلسطيني الألم والأمل معاً.
ولذلك أتوجَّه إليكم يا شعبنا العزيز، يا يمن الإيمان، يا أحفاد الأنصار، يا شعب الفاتحين، أناديكم وأتوجه إليكم بالخروج يوم الغد- إن شاء الله- يوم الجمعة المبارك، في هذه الأيام المباركة، التي لها فضلها، وأجرها، وقيمة الإيمان فيها، وقيمة الأعمال الصالحة فيها، وقيمة الجهاد فيها، للخروج المليوني في ميدان السبعين، وفي مختلف المحافظات، في بقية الساحات، وفي المديريات، الخروج المليوني- إن شاء الله- مهللين، ومكبرين، وهاتفين بهتافات البراء والعداء لأعداء الله، وبالتضامن والنصرة والوفاء مع الشعب الفلسطيني المظلوم، مع غزة الأحرار، في كل الساحات المعتمدة، وحسب الترتيبات والإجراءات المعتمدة، أسمعوا العالم صوتكم من جديد، وأسمعوا أيضاً الشعب الفلسطيني، وأحرار غزة، والشعب الفلسطيني المظلوم في غزة صوتكم المساند، المناصر، الصادق، الوفي، من جديد كما في كل أسبوع.
أَسْأَلُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإيَّاكُمْ لمِا يُرضِيهِ عَنَّا، وأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبرَارَ، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يُعَجِّلَ بِالنَّصرِ وَالفَرَجِ لِلشَّعبِ الفِلَسْطِينِي المَظلُوْم، وَلِمُجَاهِدِيهِ الأَعِزَاء، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛