تهنئة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي بمناسبة حلول العام 1444هـ
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
بمناسبة حلول العام الهجري الجديد نتوجّه إلى شعبنا اليمني المسلم العزيز ومجاهديه الأعزاء المرابطين في ميادين البطولة والشرف والجهاد ومنتسبي قوته العسكرية والأمنية وإلى أبناء أمتنا الإسلامية كافة بالتهاني والتبريكات
ونسأل الله أن يكتب فيه لشعبنا وأمتنا التوفيق والفلاح والنصر واليسر وأن يجعله عام خير ورحمة وبركات.
لقد ارتكز تاريخ أمتنا الإسلامية على الهجرة النبوية، وبالتالي برسول الله محمد “صلى الله عليه وآله” في حركته برسالة الله تعالى لإخراج المجتمع البشري من الظلمات إلى النور وتطهيره من رجس الجاهلية ومظالمها ومفاسدها، وما ترتّب على ذلك من تحوّلات ومتغيّرات انتقلت بالمسلمين إلى أعلى موقع بين الأمم آنذاك، ورسمت للأمة الإسلامية المعيار الصحيح لتقديم النموذج الحضاري الإنساني، ومع ما حدث في واقع المسلمين بعد ذلك من التراجع الخطير، نتيجة للانحراف والتحريف الذي عصف بالأمة، وترك تأثيراته السلبية على واقعها بكله، إلا أن مفتاح الخلاص وسر النجاح يبقى حاضرًا من خلال الاقتداء الصادق برسول الله “صلى الله عليه وآله” في التمسك بمنهجية الإسلام العظيم محتوى الرسالة الإلهية المعجزة الباقية “القرآن الكريم”، وإدراك خصائص القوة والنجاح بهما وما تحظى به الأمة بناءً على ذلك من معونة الله تعالى ونصره وتأييده.
لقد كان عنوان الهجرة النبوية في نتائجها الكبرى “وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا” وهو العنوان الذي تحتاجه الأمة في مواجهة كل التحديات، فالأمة ستعلو وتصمد في مواجهة أعدائها بقدر تمسكها بكلمة الله وثباتها على نهجه الحق، كما كان الدرس الآخر من الهجرة النبوية في مجتمع الأنصار الذي حظي بشرفٍ عظيم في احتضان الرسالة الإلهية وكانت مؤهلاته الكبرى لذلك، كما ورد في الآية المباركة ” وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ “.
وبهذه المؤهلات الإيمانية يمكن لشعبنا الثبات والارتقاء الإيماني وهو الشعب الذي نال وسام الشرف الكبير بقول رسوله الله “صلى الله عليه وآله” عنه الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية”، ويمكن لأمتنا الإسلامية بدروس الهجرة ونتائجها الكبرى التي كان في مقدمها تكوين النواة الأولى للأمة الإسلامية المتحررة من سيطرة كل طواغيت الاستكبار أن تواجه كل مساعي الأعداء من الكافرين والمنافقين الذي يحاولون إخضاعها للتبعية التامة لهم ورفعوا عنوان التطبيع مع إسرائيل من أجل ذلك وانتهكوا به حرمات ومقدسات المسلمين، حيث انتهكوا حرمة مكة المكرمة وبيت الله الحرام وشعائر الحج في عرفات وانتهكوا حرمة المدينة المنورة من جديد بما يكشف أساليبهم التي يحاولون بها ترويض المسلمين على تقبل تلك الانتهاكات والتي معها انتهاك كرامة المسلمين ومقدساتهم كما فعلوا قبل ذلك بحق المسجد الأقصى وتجاه شعب فلسطين.
إن ذلك يدل بكل وضوح على حجم الانحراف الذي يسلكونه ويبيّن حقيقة مشكلتهم مع أبناء الأمة كما يوضح لأبناء الأمة الإسلامية أهمية العمل الجاد في التصدي لمساعي الأعداء تلك التي لا يبقى للأمة معها حرية ولا كرامة ولا استقلال ولا دين ولا دنيا وهي عملية مسخ وإخضاع وإذلال للأمة لمصلحة أعدائها، فالتصدي كذلك هو التزام إيماني وأساسي لعزة الأمة ولدينها ودنياها وحريتها وكرامتها والله المستعان وكفى بالله وليًّا وكفى بالله نصيراً.
لقد قدّم شعبنا العزيز بصموده وثباته على مدى ثمانية أعوام وقدّم أحرار الأمة المجاهدون في فلسطين والعراق وسوريا وقدمت الجمهورية الإسلامية في إيران وقدم حزب الله في أربعينية الثبات والانتصار نموذجًا راقيًا لثمرة التوكل على الله تعالى والثقة به والعاقبة الحسنة لذلك.
وفي هذا المقام نتوجه بالتهاني والتبريكات لحزب الله في لبنان وسماحة أمينه العام السيد حسن نصر الله يحفظه الله والذين قدموا على مدى 40 عاما نموذجًا متميزًا فكانوا مصداقًا لقول الله تعالى “فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ “.
فالثبات على الموقف الحق ومواصلة المشوار في ذلك بثقة بالله تعالى وإخلاص وبصبر ووعي هو سبيل للنصر والعزة والفلاح، أما الانحراف نحو التطبيع والتخاذل فعاقبته الخسران
والله المستعان
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.