بيان السيد القائد عبد الملك بدرالدين الحوثي بمناسبة العام الهجرية الجديد 1445هـ
بِسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيم
قَالَ الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } التوبة40 صدق الله العلي العظيم …
بمناسبة حلول العام الهجري الجديد نتوجه بالتهاني والتبريكات الى شعبنا اليمني المسلم العزيز ، ومجاهديه الأعزاء المرابطين في ميادين الجهاد والعزة والشرف والبطولة ، ومنتسبي قوته العسكرية والأمنية وإلى أبناء أمتنا الإسلامية كافة ، ونسأل الله أن يكتب لشعبنا وأمتنا في هذا العام الخير واليسر والتوفيق والنصر ، وأن يجعله عام خيرٍ ورحمة وبركة.
إن ارتباط العام الهجري بالهجرة النبوية لهو خير مُلهمٍ وحافز لأمتنا الإسلامية لاستقبال العام الجديد ، والانطلاقة فيه بروحٍ وَثّابة وأمل عظيم ، ومعنوياتٍ عالية وبصيرة نافذة ، ورؤية عملية منبثقة عن مبادئها الإلهية ومعتمدة في انطلاقتها على كلمة الله تعالى وكلمة الله هي العليا ، ومقتدية ومتأسية بخاتم النبيين وسيد المرسلين محمد بن عبدالله صلوات الله عليه وعلى ءاله ، ومقتبسة من عزمه وثقته وصبره ونوره ما يضمن لها النجاح {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً } الأحزاب: ٢١
ولتتحرك من موقع مسؤوليتها المقدسة الكبرى في حمل راية الإسلام دين الله الحق وجوهر الرسالات الإلهية ، و إرث الرسل والأنبياء ( صلوات الله عليهم) ، وبذلك فقط تستعيد عزها ومجدها ودورها الريادي البنّاء في إنقاذ نفسها أوّلاً ، والإسهام في إنقاذ المجتمع البشري في بقية ربوع الأرض ؛ لإخراج الناس من الظلمات إلى النور ، ومن الشقاء والظلم والقهر إلى رحاب رحمة الله تعالى المتجسّدة برسوله ورسالته وتعاليمه المباركة ، وما يترتّب على الايمان بها والإتّباع لها من الخير العظيم في الدنيا والآخرة كما قال تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } الأنبياء107
إن ما يعانيه المجتمع البشري في هذه المرحلة في مختلف أرجاء العالم من أزمات في كل المجالات ، وفِتَن ومظالم رهيبة وإفلاس خطير في القيم والأخلاق ؛ ما هو إلّا نتاجٌ للحرب الشيطانية العدوانية التي حمل رايتها الطاغوت والاستكبار بمختلف تشكيلاته وأذرعه ، وفي مقدمتها اللوبي اليهودي وأمريكا وإسرائيل وحلفائهم، فلقد سعى الطاغوت إلى إبعاد المجتمع البشري عن المبادئ والتعليمات الإلهية بهدف إخراجه من النور الى الظلمات ، ليتمكن من السيطرة التامة على الناس واستعبادهم واستغلالهم،
فحارب حاكمية المنهج الإلهي والشريعة الإلهية ، التي بها تستقيم الحياة ويقوم القسط ويتحقق العدل ، وأقنع المجتمعات الإسلامية بإزاحتها من نظام حياتها وإدارة شؤونها ، واستبدالها بنظمه الفاشلة الفاسدة وأفكاره الظلامية الطاغوتية ، فكانت النتيجة ضياع العدل واختلال ميزان القسط، وكثرة المظالم وتفاقم المشاكل وغياب الاستقرار ، وحارب أيضًا التعاليم التربوية والأخلاقية التي تسمو بالإنسان وتزكيه وترتقي بأخلاقه ، وسعى لإقناع الشعوب لاستبدالها بالرذائل والمفاسد والتخلي عن الفضائل ، وسعى لمحاربة الروح الايمانية والمبادئ الإلهية والصلة الروحية بالله تعالى ، واستبدالها بالإلحاد والكفر والشرك والنفاق وتأليه المادّة ، واتباع الشهوات والاندفاع وراءها بكل انفلات ، ولم يكتفِ بالوصول إلى مستوى الانحطاط عن الإنسانية إلى مرتبة الحيوانات ، بل سعى إلى ما هو أسوأ بترويجه لجريمة الفاحشة الدنيئة بشكل غير مسبوق وضربهِ للبُنْيَةِ الاجتماعية في مكوّنِها الأساس وهو الأسرة.
ثم المحاربة الصريحة للقرءان الكريم والإساءة الى الله تعالى والى انبيائه عليهم السلام ، وهو بكل ذلك يسعى للاتجاه بالمجتمع البشري نحو الهاوية ، ولذلك يتحتم على المسلمين التحرك الجادّ من منطلق مسؤوليتهم المقدسة الكبرى للتصدي للطاغوت ولشره وطغيانه وظلمه وظلماته وفساده وإجرامه ، لإنقاذ أنفسهم وشعوبهم وللإسهام في إنقاذ المجتمع البشري ، وأن يستلهموا من حركة رسول الله صلى الله عليه وءاله ومن دروس الهجرة النبوية ما فيه الهداية الكافية ، وما يحظون من خلاله بنصر الله ومعونته، فبقدر ما وصل اليه الطاغوت من الإجرام والفساد الفظيع والمنكر القبيح بقدر ما هيأ نفسه للسقوط والانهيار اذا تحركت امة الإسلام بإسلامها العظيم الدين الحق ومبادئه وقيمه فهو الموعود بالظهور والانتصار كما قال الله تعالى : {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } الصف9
إن شعبنا اليمني المسلم يمن الايمان والحكمة يمن الأنصار بالإقتداء برسول الله صلى الله عليه وعلى ءاله ، والسير في درب الآباء والأجداد من الأوس والخزرج والفاتحين ، لهو بعون الله تعالى وتوفيقه مصمّم على مواصلة مسيرته المباركة في الحفاظ على هويته الايمانية ، وفي سعيه للتحرر التام من كل أشكال التبعية للطاغوت والاستكبار ، ولمواجهة المعتدين المجرمين الغزاة من تحالف الإثم والبغي والإجرام والعدوان ، وفي الحفاظ على تماسك جبهته الداخلية والحفاظ على الاستقرار الداخلي ، والسعي المستمر لبناء قدراته الدفاعية وإصلاح مؤسساته الرسمية ، والعناية بالتكافل الاجتماعي ، والسعي الدؤوب للنهضة الحضارية كأولويات يواصل العمل من أجلها مستعيناً بالله تعالى ومتوكلاً عليه، وكفى بالله وليّاً وكفى بالله نصيرا .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،
عبدالملك بدر الدين الحوثي
1 / محرم/1445هـ