كلمة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي حول آخر التطورات والمستجدات 12 شعبان 1445هـ
كلمة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي “يحفظه الله” حول آخر التطورات والمستجدّاًت الخميس 12 شعبان 1445هـ 22 فبراير 2024م
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
قال الله تعالى في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ}[التوبة: الآية38]، وقال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[التوبة: الآية16]، وقال رسول الله “صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم”: ((مَنْ أَصْبَحَ لاَ يَهْتَمُّ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَيْسَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَمَنْ سَمِعَ مُسْلِماً يُنَادِي: يَا لَلْمُسْلِمِينَ، فَلَمْ يُجِبْهُ، فَلَيْسَ مِنَ الْمُسْلِمِين))، وقال “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”: ((مَا مِنَ امرِئٍ مُسْلِمٍ يَخْذُلُ امرَأً مُسْلِماً فِي موضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيْهِ حُرمَتُه، وَيُنْتَقصُ فِيْهِ مِنْ عِرضِه، إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوطِنٍ يُحِبُ فِيْهِ نُصرَتَه، وَمَا مِنَ امرِئٍ مُسْلِمٍ يَنصُرُ مُسْلِماً فِي مَوطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيْهِ مِنْ عِرْضِه، وَيُنْتَهَكُ فِيْهِ مِنْ حُرمَتِه، إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوطِنٍ يُحِبُ فِيْهِ نُصرَتَه)).
المئات من الآيات القرآنية المباركة، والنصوص المروية عن رسول الله “صلى الله عليه وعلى آله”، وبمضامين قوية جدّاً، تربط المسألة بمصداقية الانتماء للإسلام، والانتماء للإيمان، وتقدِّم هذا الموضوع كمعيار حقيقي لمصداقية الإنسان في قيمه وأخلاقه، وإنسانيته ودينه، وصدقه مع الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وتقدِّم الوعد بالجنة، والعزة، والنصر، والرضوان من الله، والخير في الدنيا وفي الآخرة، والوعيد بالعقوبات الإلهية، وبالخذلان، وبالخسائر الكبيرة في الدنيا، ثم في الآخرة جهنم والعياذ بالله، كلها تتعلق بهذا الموضوع، تُبَيِّن وتؤكد موقع المسؤولية الإيمانية والأخلاقية والإسلامية في الاهتمام بأمر المسلمين، وإنقاذهم، وإغاثتهم، ونصرتهم، حينما يتعرضون للعدوان والظلم، وانتهاك الحرمة.
للأسبوع العشرين، وفي الشهر الخامس، ولليوم المائة والتاسع والثلاثين، والشعب الفلسطيني المظلوم في غزة يعاني أقسى وأصعب أشكال المعاناة؛ نتيجةً للعدوان الإسرائيلي الوحشي، الهمجي، الإجرامي، الذي انتهج من بدايته السلوك الإجرامي، والإبادة الجماعية بكل ما تعنيه الكلمة، واستخدم كل وسائل الإبادة، من القتل، والتجويع، والأوبئة.
منذ بداية العدوان على غزة، وفي اليوم الأول منه، بادرت أمريكا، وبريطانيا، ومعظم الدول الأوروبية الكبرى، بادروا إلى تقديم كل أشكال الدعم للعدو الصهيوني، بدايةً بالدعم العسكري، بأفتك أنواع السلاح المدمر والقاتل، من القنابل، والصواريخ، والقذائف، ومختلف أنواع الأسلحة، إضافةً إلى المال، والخبراء العسكريين، والدعم بطائرات الاستطلاع، التي تعمل ليل نهار، مضافاً إلى ذلك الدعم السياسي والإعلامي، بالرغم من أن العدو الإسرائيلي في موقف المعتدي، هو المعتدي والذي يرتكب أبشع الجرائم، وضد الشعب الفلسطيني المظلوم، صاحب الحق الواضح، الذي لا يمكن إنكاره، بالرغم من بشاعة الإجرام الصهيوني، الذي يلحق العار بكل من وقف معه، وبكل من سانده، وبكل من دعمه، مع كل ذلك قدَّموا كل أشكال الدعم، وبشكلٍ مُعلن، وواضح، وصريح، وبالرغم مما يمتلكه العدو الإسرائيلي من إمكانات عسكرية ضخمة، قدَّموا له السلاح ومعه السلاح، وقدَّموا له المال ومعه المال، وقدَّموا له الخبراء العسكريين، الدعم بالخبراء العسكريين ومعه الخبراء العسكريون، وهكذا وقفوا معه بكل ثقلهم، على المستوى السياسي، على المستوى الإعلامي، على المستوى العسكري، على كل المستويات، وهو في الموقف الباطل، في الموقف الظالم، في عدوانٍ غاشم، وإجرامي، ووحشي.
في المقابل أين دعم العرب؟ أين دعم العالم الإسلامي؟ أين دعم المسلمين للشعب الفلسطيني المظلوم، الذي هو جزءٌ منهم، الذي يعتبر الدعم له عملاً إنسانياً نبيلاً، ومشرفاً، وواجباً دينياً وأخلاقياً وإنسانياً؟ الشعب الفلسطيني الذي هو صاحب الحق، الحق الواضح وضوح الشمس، الحق الثابت، الشعب الفلسطيني الذي هو مظلوم بكل ما تعنيه الكلمة، الشعب الفلسطيني الذي هو جديرٌ بالدعم والمساندة، بالاعتبار الإنساني، وباعتبار الحق، وبكل الاعتبارات، الشعب الفلسطيني الذي هو جزءٌ من هذه الأمة، جزءٌ منها، وأرضه جزءٌ من بلاد الإسلام، أين هو الموقف الداعم؟ أكثر الدول، أكثر الأنظمة، أكثر الحكومات، تقف موقف المتفرج، والبعض منها موقف المتواطئ، موقف الداعم بالسر والمشجع بالسر للعدو الإسرائيلي، على ما يرتكبه من إجرام بحق الشعب الفلسطيني في غزة. أين هي قيم المسلمين؟ أين هو دينهم؟ أين هي أخلاقهم؟ الكثير منهم يقف موقف المتفرج، القلة القليلة التي وقفت بجد وصدق، وفي إطار خطوات عملية لمناصرة الشعب الفلسطيني ودعمه.
الخذلان الواضح من معظم الحكومات والأنظمة، ومن ورائها سكوت الشعوب فيها، وجمودهم، وانعدام أي تحرُّك فاعل في أوساطهم، هو سببٌ من أسباب جرأة العدو الإسرائيلي لمواصلة إجرامه، بل واتجاهه لتشديد الحصار، والتجويع للشعب الفلسطيني في غزة، وبشكلٍ غير مسبوق.
ثم أيضاً السبب الآخر هو: الدور الأمريكي، الدور الأمريكي الذي- وللمرة الثالثة- يستخدم الفيتو في مجلس الأمن؛ لمنع أي قرار بوقف الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة، الأمريكي مُصِرٌّ على استمرار الإبادة الجماعية لسكان غزة، بكل وسائل الإبادة: بالقنابل والصواريخ والقذائف التي يقدمها هو، من مخزونه العسكري، ومن مصانعه؛ لإبادة الأهالي في غزة، وأيضاً بالتجويع الذي يوفر هو أكبر غطاء، وأكبر دور، من أجل أن يكون التجويع للشعب الفلسطيني في غزة إلى ذلك المستوى الفاضح، الفاضح للدول الغربية، والفاضح للمؤسسات الدولية، والفاضح للعناوين التي يتشدق بها الغرب، والتي طالما أكثر من الحديث عنها وهو يتشدق بها على مجتمعاتنا الإسلامية، في العالم العربي وفي غيره، خطوة وحشية بكل ما تعنيه الكلمة، وإجرامية بكل وضوح: التجويع المتعمد، الممنهج، المتخذ بقرار أمريكي وإسرائيلي وبريطاني لأهل غزة بشكلٍ غير مسبوق.
الأمريكي يستخدم في مجلس الأمن الفيتو؛ لمنع أي قرار بوقف الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، وبذلك يبقى دور مجلس الأمن كما هو المعتاد، لا يتحرك إلَّا وفق مصالح بعض الدول، في مقدمتها الأمريكي، المرة الثالثة منذ بداية العدوان على غزة يستخدم الأمريكي حق الفيتو، وأكثر ما استخدم حق الفيتو في طول فترة تاريخ مجلس الأمن- منذ تشكيل مجلس الأمن إلى اليوم- أكثر ما استخدم الأمريكي الفيتو فيه لخدمة العدو الإسرائيلي، ومنذ مراحل متقدمة، منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، والأمريكي يقدِّم هذه الخدمة للعدو الإسرائيلي؛ لأن الأمريكي هو يُصِرّ على العدوان على الشعب الفلسطيني، وهو شريكٌ أساسيٌ للعدو الإسرائيلي، في كل جرائمه بحق الشعب الفلسطيني في كل المراحل الماضية، في كل المراحل الماضية، هو ورث على الفور الدور في رعاية الإجرام الصهيوني، وحماية العدو الإسرائيلي، وتقديم كل أشكال الدعم للعدو الإسرائيلي، من البريطاني، عندما انحسر النفوذ والاستعمار البريطاني بعد الحرب العالمية الثانية، استلم الأمريكي الدور، وواصل فيه، وقدَّم بكل اهتمام الدعم المفتوح للعدو الإسرائيلي.
الأمريكي حوَّل دور مجلس الأمن، وأعاق دور الأمم المتحدة، في أي اتجاه إنساني لصالح الشعوب المستضعفة، صاحبة الحق الثابت الواضح، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني، الذي مظلوميته مظلومية واضحة، وقديمة، وطويلة، واستمرت، ومعاناته كبيرةٌ جدّاً. الأمريكي يُصِرّ على استمرار الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة، ويشارك مع الإسرائيلي، ومعهم البريطاني، في كل أشكال المعاناة، وفي كل الجرائم البشعة بكل أنواعها، ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
تطورات الوضع الإنساني في غزة، وحجم المأساة التي تتفاقم وتكبر، تكبر معها وتتعاظم المسؤولية على الجميع، المسلمين في المقدمة، وداخل المسلمين العرب، الكل يتحملون المسؤولية في التحرك الجاد، وإلَّا فماذا ينتظرون؟ ما الذي يريدون؟ متى سيتحركون؟ هل يريدون أن ينتظروا حتى تتحقق الإبادة الجماعية بالشكل الكامل، وتبيد سكان غزة بكلهم، تبيد الشعب الفلسطيني هناك؟!
عدد الشهداء الذين معظمهم من الأطفال والنساء يتزايد باستمرار، استباحة واضحة للحياة الإنسانية، بل من أكبر جرائم الاستباحة للحياة الإنسانية، والإهدار لقيمة الحياة البشرية بشكل واضح جدّاً، كأنه ليس للإنسان أي حرمة في حياته، ولا أي حق يتعلق بحياته، الحق الأول (حق الحياة) يستهدف في غزة بشكلٍ واضح، العدد وصل في بعض الإحصائيات للشهداء والمفقودين، المفقودين أكثرهم في عداد الشهداء إن لم يكن بكلهم: أكثر من (ستة وثلاثين ألف وثلاثمائة شهيد ومفقود)، والجرحى في ظروف تنعدم فيها الخدمات الصحية: يقرُب من الوصول إلى (سبعين ألفاً)، عدد المجازر: أكثر من (ألفين وخمسمائة وأربعة وأربعين مجزرة إبادة جماعية).
فالعدو الإسرائيلي يقتل الشعب الفلسطيني في غزة، في مجازر جماعية شاملة، وفي الاستهداف المتفرق، في الطرقات، وفي الأسواق، وفي معابر الحركة التي يتحرك فيها الأهالي هناك، وفي مختلف الأماكن، ومع ذلك هناك العدوان بالتجويع والحصار، الإبادة بالتجويع والحصار غير المسبوق، والذي وصل إلى درجات مؤسفة ومؤلمة جدّاً.
العدو الإسرائيلي مواصل لمسلكه الوحش والإجرامي، في منع الغذاء عن الأهالي، ومنع دخول الشاحنات المحملة بالغذاء إلى الأهالي، ومع ذلك، وفي أصعب ظرف في هذا الأسبوع، قام برنامج الغذاء العالمي أيضاً بتعليق أنشطته في تقديم الغذاء للسكان في شمال قطاع غزة، خطوة تزامنت مع المستوى المؤلم جدّاً من المعاناة والجوع في شمال قطاع غزة، ثم يتخذ برنامج الغذاء العالمي هذه الخطوة متزامنة؛ ليكشف عن طبيعة دوره، وليكشف عن مدى سوء الدور الأمريكي، فيما يقوم به الدور الأمريكي والإسرائيلي، في التلعب على مستوى المنظمات الدولية، والبرامج والأنشطة حتى التي تتحرك تحت العناوين الإنسانية.
ترتب على ذلك، مع هذا الحصار الشديد، والتجويع الشديد، الوفيات من الجوع، هناك وفيات في الأطفال، هناك بالدرجة الأولى في الأطفال، في الطاعنين في السن، كل الذين لا تزال بنيتهم البدنية أضعف هم العُرضة بالدرجة الأولى للوفاة من الجوع، فبدأت حالة الوفيات من الجوع، وتتصاعد الأعداد، نفدت أو تكاد تنفد حتى أعلاف الحيوانات في كثير من مناطق قطاع غزة، وفي شمال القطاع بشكلٍ أكبر، ويتضور مئات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني في غزة من الجوع، مجاعة شديدة، ويناشدون أبناء أمتهم، وينادون: (أين العرب؟!)، شاهدنا فيديوهات وهم ينادون فيها بجوعهم، ومعاناتهم، ومظلوميتهم، وما هم فيه من معاناة شديدة ينادون (أين العرب، أين المسلمين؟!) كُلٌّ منَّا أن يفكر عن الجواب، أن يفكر في جواب هذا السؤال: أين العرب؟ أين الدول العربية الثرية، التي تُقدِّم وتهدر مئات المليارات من الدولارات، إمَّا في أمور عبثية وتافهة، وإمَّا في تغذية الفتن بين أبناء الأمة، ولا تُقدِّم الشيء القليل الضروري من الطعام، للشعب الفلسطيني في غزة وهو يتضور جوعاً؟
في بعض البلدان العربية، التي تتوفر فيها الأموال والثروة، الكثير منها (أو كثيرٌ منها) يحاول أن يقدِّم لنفسه برامج وحمية (للريجيم)، يعانون من التخمة والسمنة، وتُهدر كميات هائلة من طيِّب الطعام إلى المزابل والنفايات والقمامات، ولا يُقَدِّمون شيئاً من الطعام للشعب الفلسطيني، وليست هناك تحركات جادة ملموسة لكبريات الدول العربية، التي من حيث إمكاناتها، من حيث نفوذها السياسي، من حيث قدراتها الاقتصادية، من حيث دورها الذي تفترضه لنفسها، أو أن الدور ينحصر في مجال الفتن، أو في مجالات سلبية لتدمير الأمة من الداخل، أو في صراعات داخلية بين هذا البلد وذاك، لماذا لا تحاول أن تتحرك في دور مشرف وإيجابي، ولو في الملف الإنساني، في المجال الإنساني، في إيصال الطعام والغذاء والدواء لأهالي غزة؟ على مستوى الملف الإنساني لا نلحظ ولا نلمس تحركات جادة، والجديَّة تُعرف، الجديَّة عرفناها في الأوساط العربية في مواقف تافهة، أو مواقف ظالمة، أو مواقف عبثية يتحركون فيها باهتمام كبير وجديَّة عالية، يقدمون فيها الأموال، يتخذون فيها الإجراءات المتنوعة: إمَّا مقاطعة على كل المستويات، أو حتى حرب وقتال، أو مؤامرات أمنية، أو… مواقف عملية، مواقف عملية رأينا وعرفنا الكثير منها في الساحة العربية، وفي الساحة الإسلامية. الأهالي في غزة يناشدون أبناء أمتهم، ينادونهم: أين العرب؟ أين المسلمين؟
في حالة من الحالات دخلت شاحنات قليلة، بعض من الشاحنات، شيء قليل، فتجمَّع الآلاف من الأهالي حولها؛ للحصول على كمية من الطعام ولو قليلة، الحصول على كمية ولو قليلة من الطحين، عندما تجمعَّوا بالقرب من الشاحنات استهدفهم العدو الإسرائيلي، وباشر إطلاق النار عليهم، وقتل منهم، وجرح البعض منهم أيضاً، واستهدف الطحين، كميات الطحين الموجودة على تلك الشاحنات؛ فتناثرت في الرمال، وكان المشهد مؤلماً جدّاً، ونحن نرى البعض من الكبار يتجهون إلى الطحين المتناثر على الرمال، ليجمعوا بأكفهم البعض منه؛ لأنهم بحاجة إلى الحصول ولو على ذلك القليل المتناثر على الرمال، هذا يكشف عن مدى معاناتهم، عن مدى حاجتهم وظروفهم التي هي قاسية جدّاً، يُبَيِّن حجم المعاناة الشديدة.
مشاهد أخرى بثّتها وسائل الإعلام، وأيضاً في مواقع التواصل الاجتماعي، لبعض الأهالي من غزة، من الأطفال والنساء والكبار وهم يذرفون الدموع، ويناشدون المسلمين، لإنقاذهم بقليلٍ من الأكل، البعض لجأوا إلى ربط الأحجار على بطونهم، وآخرون يأكلون أوراق الشجر، إن توفرت، الشجر لا تتوفر في كل مكان، وآباء وأمهات يبكون على أطفالهم، البعض منهم مات أطفالهم من الجوع، والبعض منهم يكاد أطفالهم أن يموتوا من الجوع، وهم يعانون من قلة الحيلة، من عدم تمكنهم من تقديم حليب، حليب لأطفالهم، أو طعام لأطفالهم، فيبكون وتنهمر دموعهم على أطفالهم، حيث لا غذاء ولا حليب.
الوضع الصحي أيضاً مأساة حقيقية؛ لأن العدو يسعى إلى إبادة أهالي غزة عن طريق القتل المباشر بالقنابل، بالصواريخ، بإطلاق الرصاص، بالإعدامات، الإعدامات بدمٍ بارد، إمَّا أثناء الاحتجاز، يحتجزهم، ثم يقوم بإعدامهم رمياً بالرصاص، يُعدم الأطفال رمياً بالرصاص، يُعدم النساء رمياً بالرصاص، وأصبحت هذه حقائق كشفتها الفيديوهات، كشفتها الشهادات، المشاهد الحية، البث المباشر، وأيضاً وثقتها منظمات دولية، ومنظمات محلية، وأصبحت شيئاً معروفاً، بل ويتباهى بها جنود ومجندات من العدو الإسرائيلي، يتباهون ويفتخرون بها، ويستمتعون بالحديث عنها كإنجاز، أنه قتل طفلاً، أو قتل أطفالاً، أو قتل مجموعةً من الأهالي.
إعدامات للنساء، أين هي حقوق المرأة؟ ألم يكن الغرب يتشدق، ويتغنى، ويردد عبارات (حقوق المرأة، حقوق المرأة، حقوق المرأة) كثيراً وكثيراً، لكنه لا يرددها إلا في سياقات إمَّا لا أخلاقية، وإمَّا تافهة، وإمَّا للتفكيك المجتمع من الداخل، وإمَّا أي سياق غير نبيل ولا هادف ولا صحيح، ليس لأهداف صحيحة لمصلحة المرأة، تمتهن كرامة المرأة الفلسطينية بكل أشكال الامتهان، تُقتل ظلماً وعدواناً بالآلاف، بالآلاف يُقتلن، تمتهن كرامتها بالضرب، بالسجن، بالأسر، بالاختطاف، بالإهانة والإذلال، بالتعرية، كل أشكال الاعتداءات، كل الممارسات الإجرامية يرتكبها العدو الإسرائيلي ضد النساء والفتيات الفلسطينيات، والغرب ساكت، أين هي حقوق المرأة؟ تلاشت هذه الحقوق؛ لمَّا كانت هذه المرأة هي المرأة الفلسطينية، ولمَّا كان الجاني، والمعتدي، والمغتصب، والظالم، والممارس لكل الانتهاكات والجرائم هو العدو الإسرائيلي، الغرب يُقَدِّم للعدو الإسرائيلي مجالاً مفتوحاً، وإذناً مفتوحاً، وإباحةً مفتوحة في كل ما يفعله بالعرب والمسلمين، لا حرج عليه عندهم، ولا حساب، ولا عقاب، ولا شيء، ولا شيء!
هناك على مستوى الوضع الصحي استهداف بالإبادة الجماعية بالأوبئة والأمراض، عن طريق منع وصول الغذاء، وصول الدواء، وصول المستلزمات الطبية، عن طريق الاستهداف المستمر للكوادر الصحية بالقتل، والاعتقال، والتعذيب، والإذلال؛ عن طريق التدمير المستمر للبنية التحتية، من مستشفيات، من مراكز صحية وغيرها، عن طريق منع توفر الوقود، وتوفير الكهرباء؛ لما له من ضرورة في المستشفيات، واحتياج أساسي، عن طريق تدمير كامل لبعض المستشفيات والمراكز الصحية بالطيران، والبعض منها جعل منها العدو أهدافاً رئيسية لعملياته البرية، ويقوم باقتحامها بشكل عسكري كامل، وكأنها معاقل وقواعد عسكرية عملاقة، ومن آخر ذلك ما فعله في مجمع ناصر الطبي، اقتحمه العدو الإسرائيلي بالدبابات، والطائرات المسيَّرة، وقدَّم جيشه لمهمة الاقتحام هذه، وكأنه يقتحم قاعدة من أكبر القواعد العسكرية! وفي الواقع هناك مستشفى، مستشفى، الأهداف العسكرية داخله هي تلك الأماكن التي هي للمرضى، التي هي للدواء، التي هي للعناية وتقديم الخدمة الطبية للجرحى والمرضى، وتكون غرفة العمليات وكأنها غرفة عمليات عسكرية، غرفة عمليات العمليات الجراحية، وتكون غرف الإنعاش الطبي وبقية الأماكن كُلٌّ منها هدفاً عسكرياً، أحياناً يُقَدِّم النخبة العسكرية لاقتحامه، وحين يصل إلى المستشفى يبادر على الفور بقتل البعض من الكوادر الصحية، واعتقال البعض، وتعرية البعض، والضرب للبعض، والإذلال للجميع، والاستهداف للمرضى والجرحى، بكل أشكال الاستهداف: من يقتل منهم، من توقف عنه الرعاية الطبية التي تتوقف عليها حياته، حتى في غرف الإنعاش، وغرف العناية المركزة وغيرها، يستهدف حتى الأطفال الخُدَّج والرُّضَّع والمرضى بكل فئاتهم، بكل أشكال الاستهداف، ويرتكب بحقهم الجرائم البشعة.
وضع كارثي صنعه العدو على المستوى الصحي، مع التدمير الشامل، وبقاء كثير من الجثامين تحت الأنقاض، والبعض منها في الشوارع، ومع أيضاً انعدم الأدوية والخدمات الطبية، مع التدمير الشامل الذي دمَّر أيضاً بنية الصرف الصحي، مع تكدس النفايات والقمائم، مع غير ذلك، أشكال كثيرة ليصنع العدو الإسرائيلي منها في الأخير وضعاً غير صحي، وواقعاً موبوءاً بالأمراض، ومن دون تقديم أي رعاية ولا خدمات طبية؛ ولهذا هناك معاناة كبيرة جدّاً، هناك مأساة حقيقية في الجانب الصحي، والمئات من الآلاف يعانون من هذه المشكلة.
ثم مع ذلك أصبحت النسبة بالنسبة للأطفال، وهم من أكثر المتضررين في انعدام الخدمات الصحية، نسبة هائلة جدّاً، الأطفال من عمر خمس سنوات، وما دون الخمس سنوات، (90%) منهم يعانون من أمراض خطيرة، وأمراض معدية، وأوبئة، وكلهم بحاجة إلى رعاية وخدمة طبية، فالأضرار كبيرة جدّاً في هذا الجانب.
هناك أيضاً في مأساة الأطفال حوادث عجيبة وغريبة، والعدو الإسرائيلي يتفنن في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني في غزة، منها حالات اختطاف لأطفال رُضَّع، يأخذ الأطفال الرُّضَّع على أمهاتهم، يأخذهم من الأمهات قسراً، ويختطفهم إلى جهات مجهولة، ويكون مصيرهم مجهولاً، لا يعرف هل قتلهم بعدما أخذهم، أو أين ذهب بهم؟! هذا نوع من الإجرام الدنيء، البشع، اللاإنساني، اللاأخلاقي، جريمة رهيبة هي اختطاف للرُّضَّع من أحضان الأمهات بالقسر، ثم يتحول مصيرهم إلى مصير مجهول.
هناك معاناة أخرى للأطفال، الآلاف من الأطفال الذين فصلوا عن ذويهم، إمَّا أثناء النزوح من منطقة إلى أخرى في قطاع غزة، أو أثناء ما يحصل في حالات الدمار الشامل والقصف الشامل، وهناك إحصائية فيها رقم (سبعة عشر ألف طفل) وليست إحصائية نهائية، ممن هم مفصولين عن ذويهم، وهم في وضعية صعبة؛ لأنهم ليسوا في إطار أسرهم لِتُقَدِّم لهم جزءاً من الرعاية والتضامن والأنس، فهم في حالة تشريد ووضعية صعبة للغاية، هذا جزء من المعاناة التي يعانيها الشعب الفلسطيني في غزة.
مع كل هذه المأساة، مع كل هذا الظلم والإجرام، فهناك فشل للعدو الإسرائيلي في تحقيق أهدافه المعلنة من العدوان على غزة، ومن أبرزها استعادة أسراه، إلى اليوم فشل فشلاً ذريعاً، نحن الآن في الأسبوع العشرين، وحرب غير مسبوقة في تاريخ العدو الإسرائيلي، لم يسبق أن دخل في حربٍ مستمرة بهذا الشكل، ومع أنها على نطاق جغرافي محدود، ومع ذلك لم يصل بكل ما قد فعله من إجرام وتدمير شامل، لم يصل إلى تحقيق أهدافه، لم يستعد أسراه، لم يتمكن من القضاء على المجاهدين في قطاع غزة، من كتائب القسام، ومن سرايا القدس، وبقية الفصائل التي تجاهد في قطاع غزة، لا يزالون في حالة تماسك كمجاهدين، تماسك قوي، ويقاتلون في سبيل الله ببسالة، ويتصدون للعدو بفاعلية عالية وتأثير واضح، وتنكيل بالعدو.
العدو الإسرائيلي، بالرغم من همجيته وإجرامه الرهيب جدّاً، لم يكسر إرادة الشعب الفلسطيني والمجاهدين في غزة، وهم صامدون، بالرغم من الظروف التي شرحنا قليلاً عنها، وبالرغم من معاناتهم الشديدة؛ لأنهم يعيشون في ذلك الوضع المحاصر، يعيشون نفس المعاناة التي يعيشها أهاليهم في القطاع، مع ذلك هم مواصلون في تنكيلهم بالعدو، ويلحقون به الخسائر الكبيرة، والمهمة، والمؤثرة.
همجية العدو لم تنفعه، ولم تنقذه من إخفاقه وفشله، ولم يحصل على صورة نصر أبداً؛ إنما كشفت وأثبتت- كما هي العادة، كما في كل الاعتداءات الإسرائيلية والحروب الإسرائيلية- هي استهداف شامل، استهدف الشعب الفلسطيني في غزة بكله، ليست حرباً على حماس، هو يقول: [حماس، حماس]، هو يستهدف حماس بكل ما يستطيع، لكنه يستهدف كل الشعب الفلسطيني في غزة، كل الفصائل، كل الأهالي، يستهدف المدن بكل من فيها، يستهدف الأحياء السكنية بكل ما فيها، عدوانه شامل، ظلمه وإجرامه استهدف به الجميع؛ مع ذلك هو فشل، وفشله ظاهر، وإخفاقه مستمر، بالرغم من أنه يراكم رصيده الإجرامي في التدمير، والقتل، والحصار، والتجويع؛ لكنه يزداد فشلاً بشكلٍ واضح، كل يوم يمضي هو رصيد إضافي أيضاً لفشله، وإخفاقه الواضح، فشل في ملف الأسرى، فشل في الاستهداف للقادة من المجاهدين، فشل في تفكيك كتائب المجاهدين وتشكيلاتهم المجاهدة؛ ولذلك لا يزال المجاهدون من كتائب القسام في المقدمة، وكذلك من سرايا القدس وبقية الفصائل، يواصلون القتال ببسالة، وأيضاً في عمليات مشتركة وفعَّالة، وَيُكَبِّدون العدو الخسائر المباشرة، من قتلى وجرحى، وتدمير آليات، مع أن العدو يحاول التكتم على خسائره البشرية، ويبذل جهداً في ذلك، يبذل جهداً في محاولته التكتم على خسائره البشرية، مع ذلك تُقَدَّر خسائره البشرية- حتى في بعض تقديرات العسكريين الإسرائيليين، وتقديرات البعض من الإسرائيليين أنفسهم- تُقَدَّر بالآلاف من القتلى، وهو يحاول أن يتكتم بشدة على ذلك؛ لأن وضعه مهزوز ومتأثر، أيضاً ما تسجله المستشفيات أرقام مغايرة لما يعلن عنه العدو، أرقام مختلفة.
ولذلك فالإحصائية الشاملة للقتلى، والجرحى، والمعاقين، والمرضى النفسانيين، بلغت رقماً كبيراً، هذا على مستوى ما يعترف به، فما بالك بالأرقام الحقيقية، ومن المعروف أنه يتكتم، وأنه يخشى من ظهور الحقيقة، في تأثير ذلك على المستوى المعنوي في كيانه بشكلٍ عام:
- الأرقام التي أُعلِن عنها، أو قَدَّرتها مصادر في الوسط الإسرائيلي عن القتلى: قرابة (ألفين وتسعمائة وثلاثة وثمانين قتيل)، وهناك تقديرات بأكثر من هذا.
- والجرحى: قرابة (ثلاثين ألف جريح)، وهذا في تقديرات داخل الوسط الإسرائيلي نفسه.
- من بينها كذلك الحالات التي تواجه الإعاقة الدائمة: البعض يقدرها بأنها قد تصل إلى (عشرين ألف حالة إعاقة دائمة).
- أمَّا على مستوى المرضى النفسانيين من الجنود أنفسهم، من الجيش الإسرائيلي نفسه: فهم يقدرون بـ(عشرات الآلاف)، وهذه من أبرز الظواهر للفشل والإخفاق والروح المحطمة على المستوى المعنوي للجيش الإسرائيلي، وهذه النقطة مهمة جدّاً.
يعني: بالرغم من كل ما يمتلكه الجيش الإسرائيلي من إمكانات هائلة، وفي مقابل ذلك إمكانات متواضعة ومحدودة جدّاً للمجاهدين في غزة، لكن مع ذلك الجيش الإسرائيلي يواجه أزمة نفسية بكل ما تعنيه الكلمة، ومعنوياته هابطة، والبعض منهم يتهربون من القتال أصلاً، والبعض منهم كثيرٌ منهم يشكون مما يعانونه على المستوى النفسي، من أزمات نفسية، من مرض نفسي، والبعض اختلال عقلي، يعني: البعض من الجنود الإسرائيليين جُنَّ جنونهم، أصيبوا بالجنون من هول المعارك والاشتباك، دخل في اشتباك مع المجاهدين هناك مباشر، من مسافة صفر؛ فتحول إلى مريض نفسي، أو إلى مختل عقلياً، حالة منتشرة فيهم، ومن الطبيعي أن تنتشر فيهم، فيما هم فيه من إجرام، وعدوان، وطغيان، وفيما هو معروفٌ عنهم من حرصهم الشديد على التشبث بهذه الحياة، وعدم استعدادهم للتضحية؛ لأنهم يدركون أنهم في موقف العدوان، والظلم، والاغتصاب، والاحتلال، ليسوا أصحاب قضية محقة تطيب أنفسهم بالتضحية من أجلها؛ ولهذا يقول الله عنهم في القرآن الكريم: {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ}، {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ}[البقرة: من الآية96]، قلقهم من التضحية، قلقهم من المستقبل المظلم في الآخرة؛ لأنهم أصحاب رصيد إجرامي، هم يعرفون ماذا يعملون من جرائم بشعة للغاية.
ولذلك لديهم مشكلة كبيرة جدّاً، ولخصها من يسمونه بوزير الصحة لديهم (وزير الصحة الصهيوني) بقوله عن الأزمة النفسية: [إن إسرائيل تواجه بكل بساطة أكبر أزمة صحة نفسية في تاريخها]؛ ولذلك عشرات الآلاف من الجنود الذين يعانون من مرض نفسي، واختلالات عقلية؛ نتيجةً للاشتباكات والمواجهة والحرب.
أمَّا من خارج الجنود فالمسألة على نطاق واسع، يعني: يُقَدَّر بأكثر من (نصف مليون) من المجرمين الصهاينة الذين يسمونهم بالمستوطنين، الذين هم يعانون من أمراض نفسية نتيجةً للحرب، هيئة البث الإسرائيلية قالت: إن جمعية الإسعافات الأولية تلقت أكثر من مائة ألف طلب مساعدة نفسية، فالحالة- مثل ما ذكرها من يسمونه بوزير الصحة- حالة أكبر أزمة صحة نفسية في تاريخهم، وهذه كارثة كبيرة عليهم، الأضرار النفسية والمعنوية؛ لأن وضعيتهم وضعية مهزوزة، هم لا يعيشون حالة الاطمئنان.
ولذلك هناك هروب بمئات الآلاف للصهاينة من فلسطين، هناك من وصل منهم إلى حد اليأس، من أنه سيعيش في وضعية مستقرة وهادئة، يحتل في فلسطين، ويعيش في وضعية آمنة ومطمئنة، ويُقَدَّر عدد الذين هربوا: إمَّا بشكل نهائي من فلسطين، ويائسين من إمكانية الاستقرار هناك بحياة طبيعية ووضع مستقر، وإمَّا البعض منهم هربوا قد يكون بهدف أن يكون ذلك مؤقتاً، أو مع تقدير الأوضاع وتردد: بأكثر من مليون صهيوني، هناك مسار للهجرة المعاكسة، وهذه خسائر كبيرة جدّاً، وأضرار على المستوى الاستراتيجي في واقعهم؛ لأنهم يعيشون فعلاً التهديد الوجودي.
أمَّا خسائر العدو الإسرائيلي في الآليات العسكرية، من الدبابات وناقلات الجند، فهي خسائر أيضاً كبيرة، بالرغم من أنها تتقدم بحماية جوية هائلة، وتدمير مسبق لما قبلها، وتتقدم وهي محمية بالطائرات بكل أنواعها (الحربية، والمسلحة، والاستطلاعية، وغيرها)، ومع ذلك هناك خسائر كبيرة وفقاً لبيانات كتائب القسام، هناك خسائر للعدو في الآليات بعدد (ألف ومائة وعشرين آلية عسكرية)، معظمها من الدبابات (تسعمائة وخمسة وستين دبابة) وناقلات جند (خمسة وخمسين ناقلة جند)، هناك الكثير أيضاً من الآليات الأخرى، هذه دُمِّرَت منها ما دُمِّر بشكل كامل، ومنها ما دُمِّر بشكل جزئي، بل لفعلية موقف المجاهدين في غزة، واستبسالهم، وتأثيرهم، وصمودهم، وتماسكهم، لا يزالون يسقطون طائرات مسيَّرة للعدو الإسرائيلي، ويرسلون أيضاً طائرات مسيَّرة، ويقاتلون ببسالة في كل أنحاء القطاع، في شماله، ووسطه، وفي بقية الأنحاء.
أمَّا خسائر العدو الاقتصادية فهي كبيرة، ولربما غير مسبوقة، بالرغم من الدعم الهائل، من إمكاناته الضخمة فيما قبل، والدعم الهائل والإمكانات الضخمة التي يقدمها له الأمريكي والبريطاني والدول الغربية. واجه العدو الإسرائيلي مع عدوانه على غزة مشاكل اقتصادية كبيرة، وتداعيات على وضعه الاقتصادي، في كل مجالات وضعه الاقتصادي:
- على مستوى سعر العملة، هناك اضطراب كبير في سعر العملة الإسرائيلي، ولم يعد يستقر، هناك هبوط واضطراب واضح.
- على مستوى التراجع في الاحتياط للنقد الأجنبي، وهناك مشكلة يتحدث عنها الإسرائيلي نفسه.
- على مستوى ارتفاع الديون، الدين العام وديون العدو الإسرائيلي إلى أكثر من (ثلاثمائة مليار دولار).
- على مستوى التكلفة اليومية للحرب، التي يقول هو أنها لا تقل عن (مائتين وتسعة وستين مليون دولار) يومياً.
- على مستوى العجز الكبير في الموازنة، حيث بلغت الفجوة بين الإيرادات والإنفاق أكثر من (أربعة وعشرين مليار دولار).
- على مستوى فقدان الوظائف، في تقديرات وإحصائيات إسرائيلية (سبعمائة وستين ألف إسرائيلي) فقدوا وظائفهم، والعدد متزايد، وهناك ارتفاع مستمر في منسوب البطالة إلى أضعاف.
- على مستوى الارتفاع في الأسعار في كل البضائع، في المواد الغذائية، في كل البضائع ارتفاع مستمر ومتصاعد في الأسعار.
- على مستوى التداعيات على الناتج المحلي، في كل المجالات الاقتصادية: في الإنتاج الغذائي، في هروب المستثمرين وتوقف الاستثمار الخارجي هناك، في خسائر الشركات، في النقص في العمالة، في خسائر القطاع العقاري، الشلل الموجود في الموانئ، التراجع في السياحة، الانخفاض في الملاحة الجوية… إلى غير ذلك.
والخسائر في مجمل هذه التفاصيل هي خسائر رهيبة، تصل إلى (مئات المليارات من الدولارات)، فهو يتكبد خسائر كبيرة جدّاً، وصدق الله العظيم: {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ}[النساء: من الآية104]، هي خسائر بالرغم مما يحظى به من الدعم، وهذه عبرة مهمة جدّاً، خسائره وهو في مواجهة مع إمكانات بسيطة للمجاهدين في غزة، تُكَلِّفه هذه الكُلَف الباهظة والخسائر الكبيرة، يعني: أنه عدو قابل للهزيمة، كما هزم سابقاً في لبنان، كما هزم سابقاً ولمرات متتالية في غزة، على مدى عمليات وحروب شاملة شنها على القطاع وفشل فيها.
خسائره أيضاً في الجبهة الشمالية لفلسطين، باتجاه جبهة حزب الله في لبنان؛ لأنها جبهة كبيرة، فاعلة، مؤثِّرة على العدو، تُلحق الخسائر المباشرة الكبيرة بالعدو، من قتلى، وجرحى، وتدمير آليات، ونزوح قطعان المستوطنين من المستوطنات في شماليّ فلسطين، إلى الخسائر الاقتصادية، إلى التأثيرات الشاملة، وحزب الله هو يعلن في إحصائيات، في بيانات، عن ذلك.
جبهات الإسناد مستمرة، من لبنان بفاعلية عالية، الإخوة المجاهدون من العراق، بالرغم من استهداف العدو الأمريكي لهم استهداف مكثف.
وفي جبهة اليمن، جبهة اليمن، ونحن نتحدث بتفصيل أكثر عن جبهتنا في اليمن؛ لأننا معنيون بشكل مباشر عن هذه الجبهة، ونتحدث عنها لنوضح أهمية الموقف ونتائجه، وثمرة هذا الموقف بحمد الله وتوفيقه ونصره.
نحن اتجهنا في جبهة اليمن- كما تحدثنا في الأسبوع الماضي- إلى التصعيد في العمليات، بما أن العدو يتجه إلى التصعيد أكثر في قطاع غزة، ويستمر في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية بكل وسائلها، ضد الشعب الفلسطيني في غزة، فنحن نستمر في عملياتنا، ونتجه إلى التصعيد.
العمليات التي تستهدف الأعداء إسناداً لغزة، ونصرةً للشعب الفلسطيني المظلوم، بالقصف على أهداف إسرائيلية في الأراضي المحتلة، قد بلغت العمليات في ذلك بعدد (مائة وثلاثة وثمانين صاروخ وطائرة مسيَّرة)، والمسار الآخر المساند لغزة هو: العمليات في البحرين الأحمر والعربي، وخليج عدن، ومضيق باب المندب، العمليات أيضاً مستمرة، ونتجه فيها أيضاً إلى التصعيد، واتجهنا فيها إلى التصعيد كماً، ونوعاً أيضاً، يتم تفعيل الصواريخ، والطائرات المسيَّرة، والقوارب العسكرية، وتم أيضاً إدخال سلاح الغواصات، وهو مقلق للعدو، وبلغت السفن المستهدفة في البحر إلى: (ثمانية وأربعين سفينة) في البحرين الأحمر والعربي، (ثمانية وأربعين سفينة) تم استهدافها، هذا عدد مهم جدّاً يعني، مع أن العدو قلل من حركته، يسعى إلى التمويه، يسعى إلى حجب المعلومات عن السفن، عن ملكيتها، عن تبعيتها (من تتبع)، ومع ذلك هناك إنجاز معلوماتي، وهو فاجأ العدو، العدو يتفاجأ كيف تتمكن القوات المسلحة اليمنية من الحصول على المعلومات، التي تُبَيِّن الهوية الحقيقية لمالك السفينة، وتبعية السفينة، ولمن تحمل البضائع، وأين هي وجهتها، كل هذه التفاصيل المعلوماتية يتم الحصول عليها بشكل غير عادي، يعني ليس الحصول عليها عادياً، العدو يحاول بكل جهد، ومن ضمن إجراءاته لحماية سفنه، السفن التي هي مرتبطة بالعدو الإسرائيلي، أو السفن المرتبطة بالأمريكي والبريطاني، من حين تورطا في المساندة للعدو الإسرائيلي والعدوان على بلدنا، فهما الكل، هم جميعاً (الإسرائيلي، الأمريكي، والبريطاني) كل منهم حاول أولًا عن طريق حجب المعلومات، والتغطية على المعلومات، والتمويه، ورفع أعلام دول أخرى من أقصى الأرض، وأيضاً في المواقع الإلكترونية وغيرها، كل الوسائل التي أمكنهم أن يستخدموها لحجب المعلومات استخدموها، وفشلوا، لا نزال نتمكن من الحصول على المعلومات الدقيقة، ونتحدى، نتحدى الأمريكيين حين يحاولون أن يخادعوا وأن يقولوا عن تلك السفينة، أو تلك السفينة، أنها لا تتبع الأمريكي، أو البريطاني، أو الإسرائيلي، حسب التصنيف الذي يتم الإعلان عنه بعد الاستهداف عادةً.
فشلوا أيضاً في الحماية في منع الاستهداف بالصواريخ والمسيَّرات، لا من حيث عملياتهم العدائية في الاستهداف لبلدنا، وهم يقولون أنهم بالدرجة الأولى يستهدفون المنشآت (منشآت القوات المسلحة) التي تنطلق منها الصواريخ، وتنطلق منها المسيَّرات، فشلوا في الحد من عملية الإطلاق، فشلوا أيضاً في منع الصواريخ من إصابة أهدافها، وهم يمتلكون إمكانات متطورة، في محاولة منع وصول الصواريخ، إسقاط الصواريخ قبل أن تصل، ولكن فشلوا، الصواريخ وصلت، تم تطوير صواريخ جديدة، وتم تطوير الصواريخ المتوفرة، إلى درجة ألَّا يتمكن الأمريكي من اعتراضها وإسقاطها، بكل ما يمتلكه من تقنيات وإمكانات.
ولذلك هناك انتصارات حقيقية كبيرة في المواجهة في البحر، المواجهة في البحرين الأحمر والعربي فيها انتصارات حقيقية، هناك انتصارات على التقنية الأمريكية، على الإمكانات الأمريكية، على الخبرات الأمريكية، انتصارات على مستوى التكتيك، على مستوى الأسلحة والوسائل، فعلى مستوى التكتيك، الأمريكي انبهر خبراؤه من التكتيكات التي تستخدمها القوات المسلحة في عمليات الإطلاق والاستهداف، فالأمريكي فشل بكل ما تعنيه الكلمة.
في هذا الأسبوع تم تنفيذ (ثلاثة عشر عملية) متميزة وفعَّالة، من أبرزها ومن أهمها: استهداف السفينة البريطانية، التي أصيبت بضربة مدمرة أغرقتها، كما ظهر حتى في الصور وهي تغرق. تم أيضاً إسقاط طائرة أمريكية (MQ9) التي هي من أهم الطائرات الأمريكية، ومع ذلك وفَّق الله ومكَّن من إسقاطها؛ ولذلك العمليات في البحرين الأحمر والعربي، ومضيق باب المندب، وخليج عدن، مستمرة، متصاعدة، وفعَّالة، ومؤثرة، وفشل العدو، لا تمكَّن من منعها، ولا تمكَّن من ردعها، ولا تمكَّن من الحد منها، ولا من التقليل منها، ولا تمكَّن أن يوفر للسفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي الأمن، وفرصة العبور، وفي الأخير أدخل نفسه في مشكلة، أصبحت بارجاته العسكرية تُضرب، مدمراته العسكرية تُضرب، قطعه العسكرية في البحرين تستهدف (البحر الأحمر، والبحر العربي)، هذا ما نقصده بالبحرين (الأحمر، والعربي)، وهكذا، فشل بكل الاعتبارات، وهو معترف بفشله، الأمريكيون، قادتهم ومسؤولوهم يعترفون هم بألسنتهم، وطبقاً للواقع الثابت أصلاً، أنهم فشلوا، فشلوا في منع العمليات، فشلوا في حماية السفن المرتبطة بإسرائيل، حماية سفنهم؛ أمَّا غير ذلك فهو آمن، المهم بالنسبة لبقية الدول ألَّا تتورط مع الأمريكي في العدوان على بلدنا؛ لتبقى سفنها آمنة في حركتها وعبورها في البحرين (الأحمر، والعربي).
التأثير مستمر للعمليات في البحر، في الخسائر الكبيرة للعدو الإسرائيلي نتيجة للموقف البحري، الذي أوقف على العدو الإسرائيلي (40%) من حركته التجارية البحرية، يعني: قرابةً من النصف، من نصف حركته التجارية البحرية، توقفت عليه، وأثَّر عليه هذا تأثيراً كبيراً:
- في انكماش اقتصاده.
- في التراجع الكبير لصادراته ووارداته.
- في الكلفة الكبيرة جدّاً في الشحن البحري، عندما تحولت مسارات معظم الشركات التي يعتمد عليها لتتجه عبر الرجاء الصالح، من مسار بعيد، ترتفع كلفة الشحن على مستوى الحاوية الواحدة، كانت تكاليف الحاوية الواحدة (ألف وخمسمائة دولار)، الآن (سبعة آلاف وخمسمائة دولار)، أضعاف ارتفعت تكاليف الشحن.
طبعاً الإسرائيلي بسبب تكاليف الشحن ارتفعت الأسعار عنده بشكل عام، والأمريكي ورَّط نفسه؛ ليلحق الضرر بشركاته ونشاطه التجاري، بما يؤثر على اقتصاده، إضافة إلى فشل عسكري واضح ومعترف به، ومشكلة عسكرية يعترف الأمريكيون أنفسهم أنهم لم يواجهوا مثلها في البحر من بعد الحرب العالمية الثانية، هذا يدل على فاعلية الموقف اليمني وجبهة اليمن بشكل كبير.
البريطاني متورِّط ومتضرر وأحمق، أحمق وغبي، أدخل نفسه فيما لا يعنيه؛ ولذلك تتحدث بعض الصحف البريطانية عن التأثيرات على الاقتصاد البريطاني، وارتفاع أسعار البنزين، والتوقع لارتفاع حاد في كل الأسعار، ونقص حتى في الأدوات المنزلية الرئيسية، بسبب ارتفاع تكاليف الشحن.
فكلفة موقف الأمريكي والبريطاني في عدوانهم على بلدنا، إسناداً للعدو الإسرائيلي، وحمايةً للإجرام الإسرائيلي في غزة، هي كلفة كبيرة، كلفة باهظة، كلفة في الموقف العسكري، كلفة حركة القطع العسكرية في البحر، والنفقات عليها، كلفة الصواريخ التي يطلقونها على بلدنا، والغارات، وكلفة أيضاً الخسائر على المستوى الاقتصادي، كلفة كبيرة، وكان الموقف الصحيح والحكيم والإنساني، بدلاً من العدوان على بلدنا: الاستجابة في إدخال الغذاء والدواء إلى أهالي غزة، وإيقاف جرائم الإبادة الجماعية بحق أهل غزة، كان هو الموقف الذي يفيد الجميع، يستفيد منه العرب، ويستفيد منه غيرهم، وكان هو الذي سيساعد على استقرار المنطقة بشكلٍ عام، ويحول دون توسع الصراع، والأمريكي كان يقول من البداية أنَّه: [لا يريد توسع الصراع].
كلفة العدوان كبيرة، والأمريكي نتيجةً لإصراره هو والبريطاني على مواصلة الحصار والتجويع والإبادة لأهالي غزة، استمرا في ذلك، استمرا في هذا التوجه المنحرف، غاراتهم المعادية بلغت (مئتين وثمانية وسبعين) غارات وقصف صاروخي من البحر، ومع ذلك هي فاشلة، لا تأثير لها، لم تدمِّر القدرات للقوات المسلحة اليمنية، ولم تحد من العمليات، ولم تؤثر على مسار العمليات والحمد لله.
مع فشل الأمريكي في الحد من العمليات، وفي تدمير القدرات، بل على العكس من ذلك، هو يتسبب -بالفعل- في تطوير القدرات العسكرية لدينا والحمد لله، هو يسعى إلى تحريك الآخرين وتوريطهم، وهذا سعي من البداية، يسعى إلى توريط الأوروبيين، يسعى إلى توريط بعض الدول العربية، يحاول باستمرار، باستمرار، هو لا يكل ولا يمل، يعني: يحاول في بعض الدول العربية، وبعض الدول الأوروبية باستمرار ودون توقف، يسعى إلى توريطها، لتتورط في العدوان على بلدنا إسناداً للعدو الإسرائيلي.
كما أنَّه أيضاً يحاول أن يشوِّه موقف اليمن، وموقف جبهة اليمن، على المستوى الإعلامي يطلق دعايات سخيفة للغاية، سخيفة للغاية، أحياناً يقول: [أنَّ الموقف اليمني يؤثر على قطاع غزة]! وكأنه حصار لقطاع غزة، للأهالي في قطاع غزة، مع أنَّ الموقف واضح تماماً، هو لإسناد الشعب الفلسطيني في غزة، أي تأثير؟! كلام سخيف للغاية، هو أثَّر على العدو الإسرائيلي الذي منع عليه 40% من حركاته التجارية البحرية، هل منعت سفن ذاهبة بالمساعدات لأهالي غزة من العبور من مضيق باب المندب والبحر الأحمر؟! لا، على العكس سنوفر الحماية لأي سفن تحمل مساعدات للأهالي في غزة، سفن كل الدول تعبر بدون أي استهداف، ما عدا العدو الإسرائيلي، وهو ليس دولة، هو عدو مغتصب، والأمريكي والبريطاني؛ لأنهما ورطا أنفسهما في المشكلة.
يحاول أيضاً واستجدت دعاية من أسخف الدعايات، رددها الأمريكي والبريطاني، ثم أبواقهم، أبواقهم التي ينفخون فيها من بعض وسائل الإعلام العربية، وبعض الإعلاميين الموالين للعدو الإسرائيلي، هناك إعلاميين موالين- فعلاً- للعدو الإسرائيلي، ويخدمون الأمريكي والبريطاني مباشرة، ولذلك تلحظ يتردد مثلاً تصريح أمريكي، أو ينزل إلى الصحف الأمريكية، أو يتردد في وسائل الإعلام الأمريكية، باللغة الإنجليزية، ويردده البريطاني كذلك، ثم لا يلبث أن يصبح هو دعاية تتكرر ويرددها إعلاميون عرب في وسائل إعلام عربية، إمَّا البعض من مرتزقة البلد، الذين هم خونة وخائنون في كل شيء، يخون بلده، يخون الأمة الإسلامية، يخون الشعب الفلسطيني، هو عميل جاهز مع أي عدو للإسلام والمسلمين، هذا هو حال البعض من المرتزقة، البعض ممن حاربونا ووقفوا في وجهنا، كانت مواقفهم ولا تزال مشرِّفة تجاه الأحداث في غزة، وكان موقفهم تجاه بلدنا، وموقف بلدنا إيجابياً، كانوا إيجابيين تجاه الموقف اليمني، إيجابيين، هؤلاء عقلاء، وهؤلاء بقي لهم شيءٌ من الضمير، حركهم في الاتجاه الصحيح، لكن هناك البعض أصبحوا أبواقاً خالصة، وببغاوات متخصصة لصالح الأمريكي؛ لذلك يمكن الإنسان أن يلحظ كيف بدأ يتردد عنوان معين، أو تتردد دعاية معينة، كانت أولاً عند الأمريكي والبريطاني، ثم فإذا بها تتردد في بعض القنوات العربية المعروفة بأن دورها دائماً لخدمة إسرائيل، وخدمة أمريكا، هي تشوِّه المجاهدين في فلسطين، هي تؤدي دوراً إعلامياً سلبياً، لا يخدم القضية الفلسطينية، ولا مظلومية الشعب الفلسطيني، وهي تؤدِّي دوراً لخدمة أمريكا وإسرائيل في تشويه كل جهدٍ مساندٍ للشعب الفلسطيني، وهذا جزء من المعركة، جزءٌ من المعركة مع العدو الإسرائيلي والأمريكي.
الأمريكي والإسرائيلي والبريطاني يخوضون المعركة في الجبهة الإعلامية، ويحرِّكون معهم وسائل إعلام عربية، وإعلاميين عرب من عدة بلدان، مهمتهم الأولى: التشويه لكل جهد مساند للشعب الفلسطيني، والتخذيل عن أي موقف مساند للشعب الفلسطيني، ومحاولة الإلهاء للناس عن متابعة الأحداث في غزة، وعن الوقوف مع غزة بأي مستوى: إعلامياً، سياسياً… بأي مستوى، فلذلك هم منذ فترة معينة يحاولون بشكلٍ مستمر ودؤوب وملح على تحريك النغمة التكفيرية، في إثارة الفتنة الطائفية بين المسلمين، يحاولون إثارة المشاكل الأخرى، يحاولون أن يفرضوا بأن تبرز المشاكل التي تحركت في أوساط الأمة في المراحل الماضية خدمة لأمريكا وإسرائيل، أن تبرز، وأن تطغى على الأحداث في غزة، ومظلومية الشعب الفلسطيني في غزة؛ فلذلك أتت دعاية سخيفة من أسخف الدعايات: أنَّ الشعب اليمني، أن اليمن يبتز بعض الدول الأوروبية بدفع إتاوات لتمر سفنها من البحر الأحمر، مقابل عدم الاستهداف لسفنها! هذا من أسخف وأكذب الدعايات، والله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” من أهم ما وصف به المنافقين في القرآن الكريم، أنهم كذَّابون، كثيرو الكذب، لا أكثر من كذبهم، لا أكثر من كذبهم، الصدق عندهم قليل ونادر جداً، نادر جداً، يكذبون ويكذبون ويكذبون.
إنَّ عمليات بلدنا في البحر الأحمر، والبحر العربي، ومضيق باب المندب، وخليج عدن، هي عمليات جهاد في سبيل الله، بأهداف واضحة ومقدَّسة، ولهدف نبيل وعظيم، هو: إسناد الشعب الفلسطيني، إسناد المظلومين في غزة؛ لإيقاف الحصار والإبادة الجماعية التي ترتكب ضدهم من العدو الإسرائيلي، نحن نخوض (معركة الفتح الموعود والجهاد المقدَّس) من أجل الله، وفي سبيل الله، في موقف نظيف وصافي، ومحق، وعادل، وقوي، وشجاع، ويحظى بإعجاب معظم الأحرار في مختلف أنحاء الدنيا.
الدعاية تلك هي سخيفة وباطلة، وهي جزءٌ من أكاذيب لا حصر لها ولا عد، يطلقها المنافقون أخزاهم الله، لا أكثر من كذبهم، ولا أبشع من كذبهم! لا يستحيون، استحوا من الشعب اليمني، استحوا من يمن الإيمان والحكمة، اخجلوا على أنفسكم من ترديد أكاذيب الأمريكيين والبريطانيين، كذَّاب مع كذَّاب مع كذَّاب، فتتوالى أكاذيبهم، وينقلون ويروِّجون للأكاذيب والافتراءات والدعايات السخيفة، ليس لتلك الدعاية السخيفة- التي هي كذب محض- أساس من الصحة نهائياً.
ليس هناك من قبلنا في هذا البلد أي ابتزاز لأي دولة في أن تعبر بسلامٍ وأمانٍ بسفنها من البحر الأحمر والبحر العربي، المهم ألَّا تكون وجهتها لصالح العدو الإسرائيلي، الذي يرتكب أبشع الجرائم بحق أهل غزة، ويمنع عنهم الغذاء، ويجوعهم، وأصبحت هذه مسألة معروفة في كل الدنيا؛ فلذلك هي دعايات سخيفة، وهي أكاذيب لكذابين، يتبعون كذابين، يتبعون كذابين والعياذ بالله.
عملياتنا العسكرية مستمرة، وفي تصعيدٍ مستمر، وفعَّالة ومؤثرة، رغم أنف كل الحاقدين، ونحن قلنا من بداية موقفنا: من يشكك في موقفنا فليقف موقفاً أفضل، أو أكبر، فليتفضل؛ أمَّا الذي لا همَّ له، ولا شغل له إلَّا تشويه أي موقف مساند لغزة، سواءً من اليمن، أو من لبنان، أو من أي جبهة، همه أن يشوه أي جهد مساند لغزة، وهو لا يتحرك أصلاً في أن يكون له موقفٌ عمليٌ واضحٌ فاعلٌ لنصرة الشعب الفلسطيني، فهو عميل وحاقد، عميل للأمريكيين، مجنِّد نفسه لخدمة الإسرائيليين؛ لأن المعركة مباشرة ما بيننا وبين الأمريكي والإسرائيلي والبريطاني، فمن يقف في صفهم إعلامياً، أو عسكرياً، أو سياسياً، هو يجنِّد نفسه معهم، هو يخدم الإسرائيليين، هو جعل من نفسه خادماً للعدو الإسرائيلي، وهذه خسارة، وهذا أكبر العار، وأكبر الخزي والعياذ بالله.
مع العمليات العسكرية يستمر النشاط الشعبي في كل المسارات، وهو نشاط أساسي في الموقف، وفي مقدِّمته: التعبئة، التعبئة بالتدريب والتأهيل والإعداد والتجهيز العسكري، وهذه مسألة في غاية الأهمية، وهي تقلق الأعداء قلقاً بالغاً، ولها تأثيرها الكبير، ولها أهميتها الإيمانية، الإنسان الذي يريد الجهاد في سبيل الله، هو مستعدٌ للتحرك في المجال العسكري، يذهب للتدريب والتأهيل، ويحظى بالدورات اللازمة، والتأهيل العسكري.
التعبئة العسكرية في مسار نشط، وهي بوتيرة ممتازة:
- وبلغت مخرجات التدريب في التعبئة العسكرية: (مائتين وسبعة وثلاثين ألفاً ومائة وثلاثة وعشرين) متدرِّباً.
يعني: عدد ضخم جداً، جيش بأكمله، جيش كبير من أبناء هذا الشعب حظي بالتدريب، ما قبله مئات الآلاف حظوا بالتدريب، وأخذوا دورات تدريبية متعددة، ويلحق بهم الكثير، والشعب بكله شعب مسلَّح ومقاتل بالفطرة وبالتجربة، وهذه نعمة كبيرة، هذا الزمن يحتاج إلى أن تكون الشعوب شعوباً قوية؛ لتدافع عن نفسها، وإلَّا من تنتظر؟ الأمم المتحدة؟!
- في إطار أنشطة التعبئة في المجال العسكري، والتعبئة والتدريب العسكري أيضاً، العروض العسكرية للتعبئة بلغت: (مائتين وثمانية وأربعين) عرضاً عسكرياً.
- والمناورات وهي ذات أهمية كبيرة، بلغت: (خمسمائة وستة وستين) مناورة.
- والمسير العسكري وصل إلى عدد: (ثلاثمائة وتسعة وخمسين) مسيراً عسكرياً.
- الوقفات الشعبية المجتمعية، جزء من النشاط المميز والمشرِّف لشعبنا العزيز، بلغت إلى: (سبعين ألف وستمائة وسبعين) وقفة.
- الأمسيات التوعوية، نشاط في غاية الأهمية لنشر الوعي القرآني، وتبصير المجتمع عن حقيقة الأعداء، وعن المسؤولية، بلغت الأمسيات التوعوية إلى: (ثلاثين ألف وخمسمائة وواحد وسبعين) أمسية.
- الفعاليات ذات أهمية كبيرة جداً في نشر الوعي، بلغت: (ثلاثة وعشرين ألف وسبعمائة وثمانية وثلاثين) فعالية.
- المظاهرات الكبرى، والمسيرات الكبرى، التي في المحافظات وفي المديريات، بلغت إلى (ألفين ومائة وواحد وثمانين) مظاهرة ومسيرة عامة، هذه عادةً ما تكون في المحافظات والمديريات.
مسار التبرعات أيضاً مستمر، وما جمع منها يتم تسليمه إلى الإخوة المندوبين للحركات الفلسطينية الموجودين في صنعاء.
هذا التحرك الشامل بهذه الفعالية، بهذا الزخم، هو اللائق بشعبنا العزيز، في مقابل تلك المأساة البالغة والكبيرة، والمظلومية والمعاناة الشديدة للشعب الفلسطيني، بهكذا تحرك شامل وواسع، وبزخم ضخم وكبير نجسِّد انتماءنا الإيماني، وهويتنا الإيمانية، واستجابتنا لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، لأوامره المباركة، لتوجيهاته العظيمة والقيمة، هذه المواقف التي هي إيمانية، وهي أيضاً تعبِّر عن عزة، عن إنسانية، عن حريَّة، عن كرامة، عن إحساس بالمسؤولية، عن وعيٍ عالٍ، هذا الزخم أصبح فعلاً وهذا التحرك الشامل والواسع لشعبنا العزيز، قدَّم نموذجاً ودرساً، وأصبح محط إعجاب لدى كل الأحرار في العالم، في مختلف البلدان، حتى في أوروبا، حتى في أمريكا، في الدول الآسيوية، في شرق الأرض وغربها، يتحدث كل الأحرار، وكل الذين بقي لهم شيءٌ من الإنسانية، ويحملون الضمير الإنساني، يتحدثون بإعجاب، وإشادة، وتقدير للموقف اليمني، لموقف الشعب اليمني، لتحرك الشعب اليمني، ليقظة الشعب اليمني، لفاعلية هذا الموقف وتأثيره، يتحدثون عن اليمن بإعزاز وتقدير، أنَّه يمن العزة، والكرامة، والحريَّة، والإباء، الذي أبى له ضميره الإنساني وانتماؤه الإيماني أن يتفرَّج على تلك المأساة الكبرى في غزة، على تلك المحنة العظيمة للشعب الفلسطيني، على تلك المظلومية التي لا نظير لها في كل أنحاء الأرض.
هذا الموقف، وهذا الزخم، وهذا الحضور هو اللائق بنا، بهذا الشعب العزيز، بقيمه، بأخلاقه، بتاريخه المشرِّف وهو يمن الفتوحات، اليمن الذي له سابقته، ورصيده ودوره وإسهامه الكبير في التاريخ الإنساني، والتاريخ الإسلامي؛ ولذلك كان خروج شعبنا حتى في الأسبوع الماضي، عندما وجَّهنا نداءنا لهذا الشعب، بدعوة الله، بدعوة المسجد الأقصى الشريف، بدعوة المظلومية الكبرى للشعب الفلسطيني في غزة، وفي غير غزة، بدموع الثكالى واليتامى والمعاناة، وأنين الجرحى، وأنين الجائعين في غزة، خرج هذا الشعب الحر، الذي هو شعبٌ- فعلاً- يمتلك الضمير الحي، والإحساس الإنساني، والشعور الإيماني، خرج بكل شجاعة، بكل رجولة، يتحدى أمريكا.
شعبنا في هذه المرحلة، في هذا الموقف التاريخي، تحدى أمريكا وجبروتها، بالرغم من أنَّ الكثير من الدول والحكومات في العالم العربي والإسلامي، خنعوا لأمريكا، ذلوا أمام أمريكا، استسلموا أمام أمريكا، تكبَّلوا عن أي موقف ينسجم مع انتمائهم الإسلامي، مع ضميرهم الإنساني، تكبَّلوا ولم يفعلوا شيئاً.
ولذلك هذا الموقف التاريخي لشعبنا، سيبقى درساً لكل الأجيال الآتية واللاحقة، درساً مشرِّفاً، سيفتخر أبناؤكم- يا أبناء شعبنا العزيز- إلى ما بعد مئات السنين بكم في هذه المرحلة التاريخية، وبموقفكم في هذه المرحلة التاريخية، سيبقى فخراً لكل الأجيال، ودرساً في الحُريَّة، في العزة، في الكرامة، في مصداقية الانتماء الإيماني، سيبقى درساً لكل الأجيال الآتية، هذا موقفٌ مشرِّف، وموقفٌ عظيم.
ولذلك أقول لكم بعد ذلك الخروج المليوني العظيم، الذي امتلأت به كل الساحات، في ميدان السبعين وفي غير ميدان السبعين، في بقية المحافظات، وبقية الساحات:
بيَّض الله وجوهكم، ورفع قدركم، وكتب أجركم، أنتم أهل الوفاء، وأهل الشهامة، وأهل الكرامة، وأهل الاستجابة لنداء الله، ودعوة الله، وتوجيهات الله، أنتم ذوو الضمائر الحية، الذين تحملون المشاعر الإنسانية، أنتم من لا تزال فيكم كل جذور الأصالة، والقيم، والأخلاق، والنخوة، والشهامة، طبتم، وطابت مواقفكم المشرِّفة، التي هي درسٌ لكل الأمة، ولكل الأجيال.
يبقى أمامنا- يا شعبنا العزيز- الثبات، وأنتم أهل الثبات، والاستمرار، وأنتم أهل الإباء والاستمرار، والعزم والمصداقية في الانتماء والموقف، الثبات والاستمرار هما عنوانان أساسيان.
نحن في مرحلة تاريخية، نحن في حالة نفيرٍ عام، في موقفٍ عظيم، في جهادٍ مقدَّس، نحن نجسِّد انتماءنا الإيماني، نحن نجسِّد الأخلاق والمبادئ والقيم التي ينتمي إليها شعبنا العزيز، نحن في موقف نفيرٍ عام، الله يقول في القرآن الكريم: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[التوبة: الآية41]، خيرٌ لكم؛ لأنكم وأنتم تتحركون في إطار الموقف الشامل، الذي هو مرضاةٌ لله، وشرفٌ حتى على المستوى الإنساني، موقفٌ مشرِّفٌ بكل ما تعنيه الكلمة، ترفعون به رؤوسكم، وتبيض به وجوهكم في الدنيا وفي ساحة الحشر يوم القيامة، تنفرون؛ لأنكم أعزاء، لأنكم أهل كرامة، لأنكم ترسِّخون هذه العزة، هذا التحرر، هذا النهج الحر، الذي لم يخنع لأمريكا، ولا لبريطانيا، ولم يخف أمام العدو الإسرائيلي، لم يذل، ولم يكل، ولم يمل أمام كل هذه التحديات.
شعبنا سينفر؛ لأنه خيرٌ له، ليكون فعلاً شعباً حراً، يستمر على هذه الحُريَّة، وهذه العزة، وهذه الكرامة، ولهذا أناديكم إخوتي الأعزاء، إخوتي وتاج رأسي، أناديكم يا يمن الإيمان، يا أحفاد الأنصار، يا رجال الوفاء والشهامة، أناديكم من جديد بدعوة الله: انفروا، أناديكم بدعوة المسجد الأقصى الشريف، بدعوة القدس، بدعوة الشعب الفلسطيني في كل أنحاء فلسطين وفي غزة، غزة المظلومة، غزة التي تعاني، ومع ذلك تصبر، وتجاهد، وتضحي، غزة العزة، أناديكم للخروج في الموعد الأسبوعي يوم الغد في يوم الجمعة الخروج المليوني، وأنتم الملايين، الخير فيكم كثير، والرجال الأحرار الأعزاء كثير، تجلَّى كثرهم وكثر خيرهم، وعزتهم، وشجاعتهم، وتحديهم للأعداء، في ملئهم للساحات، وحملهم للرايات، وتسلحهم بالبنادق، وجهادهم في البر والبحر، وبقدر ما العمليات مستمرة في البحر، من الجو إلى البحر، في ظاهر البحر وسطحه، في أعماقه بالغواصات، التي دخلت كسلاح جديد في المواجهة، وفي التصدي والتحدي لأعداء الله في البحر، تملؤون الساحات في البر، وتتحركون في كل المجالات، الموعد يوم الجمعة- إن شاء الله- في ميدان السبعين، وفي ساحات بقية المحافظات، والساحات المعتمدة حسب الترتيبات.
أَسْألُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُفَرِّجَ عَن الشَّعْبِ الفَلَسْطِينِي المَظْلُوم، وَأَنْ يُعَجِّلَ لَهُ بِالنَّصر، وَنَسْألُ اللَّهَ أَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنصُرنَا بِنَصرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
نفسي لكم الفداء، روحي لكم الفداء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛