كلمة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي بمناسبة العرس الجماعي الكبير 1442هـ – 2020م
أُعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحمدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــداً عبدُهُ ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين.
اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين.
أيُّها الإخوة الحاضرون جميعاً: السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ تَعَالَى وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
في هذه المشاركة والتي- إن شاء الله- ستكون قصيرة، لن نطيل عليكم في الحديث؛ لأن المقام ليس مقام تطويل.
أتوجه أولاً بالمباركة والتهاني لكل الإخوة العرسان الذين تقام هذه المناسبة المباركة احتفاءً بعرسهم، كما أرحب أيضاً بكل الحاضرين بدءاً بحضرة الأخ المفتي السيد العلامة شمس الدين شرف الدين، وكذلك بالإخوة من رجالات الدولة من المجلس السياسي الأعلى، ومجلس الوزراء… وكل الحاضرين كلاً باسمه وصفته من كل الفئات الذين يشاركون في هذا الاحتفال المبارك.
سأحرص على تلخيص الحديث في عدة نقاط بهذه المناسبة المباركة:
أولاً: منذ بداية العدوان وإلى اليوم شعبنا اليمني العزيز باعتماده على الله “سبحانه وتعالى”، وبتوكله على الله “سبحانه وتعالى”، كما صمد في ميادين وجبهات القتال، صمد أيضاً في كل مجالات وميادين هذه الحياة، مع أنه يواجه في كل مجال جبهةً يقارع فيها العدوان ويتصدى له، على المستوى السياسي، على المستوى الاجتماعي، على المستوى الاقتصادي، على المستوى الأمني… في كل مجالٍ من مجالات هذه الحياة هناك ميدان وهناك جبهة نتصدى فيها لهذا العدوان الظالم الجائر، ومن هذه الجبهات الجبهة الاجتماعية، في الواقع الاجتماعي، الذي يتضرر كثيراً بكل هذا العدوان في واقعه العسكري أو الاقتصادي، وكانت الأعراس منذ بداية العدوان وإلى اليوم تقام، وتستمر عجلة الحياة، تتحرك وتمشي في هذا الشعب الصامد الثابت؛ لأنه استمد ثباته وصموده باعتماده على الله “سبحانه وتعالى”، وبمعونة الله “جلَّ شأنه”، ولذلك فهذا العرس في هذا اليوم، وهذه المناسبة المباركة تقدم رسالة لتقول لتحالف العدوان: مهما كان عدوانكم، مهما كانت جرائمكم، مهما كان طغيانكم، نحن مستمرون في مسيرة حياتنا في كل مجال من مجالات هذه الحياة؛ لأننا نعتمد على الله “سبحانه وتعالى”، وهو “جلَّ شأنه” نعم المولى ونعم النصير، فهذا تعبيرٌ من تعبيرات الصمود والثبات في هذا البلد.
ثانياً: من أهم ما يجسِّده هذا العرس وفي هذا الاحتفال المبارك: هو القيمة العالية والأهمية الكبيرة للتكافل الاجتماعي في الإسلام، والذي على رأسه الزكاة التي هي ركنٌ من أركان الإسلام، وفريضةٌ مهمةٌ من الفرائض الدينية، لا يقبل من الإنسان لا صلاته ولا أي عملٍ من أعماله إلا إذا أخرج هذا الحق إذا كان قد لزمه في ماله، إذا كان ممن عليهم الزكاة، قد امتلك من المال ومن الإمكانيات ما يتوجب فيه هذا الفرض، فالزكاة وما يلحق بها من التعاون، من التكافل، من العمل الخيري، من الإحسان، هي من أهم البرامج في الإسلام، ومن أعظم ما في الإسلام، من حيث ما ورد بشأنها من توجيهات من الله “سبحانه وتعالى”، وحث كبير من الله “سبحانه وتعالى”، وما جعل عليها من الأجر العظيم والفضل الكبير، ومن حيث أثرها في واقع هذه الحياة، فيما تحل من مشاكل، فيما تعزز من أخوة، فيما تبلسم من جراح، فيما تساعد عليه من استقرار أمني، واستقرار عام، وترابط اجتماعي، وآثار كبيرة وكثيرة كلها مهمة وكلها مفيدة.
ولهذا نحن اليوم نؤكد على أهمية العناية بالتكافل الاجتماعي، نحن كشعبٍ يمنيٍ مسلم بهويتنا الإيمانية علينا أن نعطي أهميةً كبيرةً لإخراج الزكاة كركنٍ من أركان الإسلام إلى مصارفها الشرعية، والهيئة اليوم تقوم بجهد كبير وعظيم في العناية بهذا الركن المهم، وفي تصريفه في مصارفه الشرعية، وهذا جهدٌ مهم، ولذلك من واجب الناس أن يبادروا؛ لأن الروحية الإيمانية تفرض على الإنسان أن يكون هو من يؤتي زكاته، لا أن تنتزع منه انتزاعاً وأن يعطيها كرهاً، بل المفترض أن يبادر بكل رغبة، وبكل إحساسٍ بالمسؤولية واستشعارٍ للواجب، وبكل حرصٍ على رضا الله “سبحانه وتعالى” ليخرج زكاته بنفسه، ويبادر بها.
ثم في نفس الوقت يجب مساندة الهيئة من الجميع: من الدولة، من الجهات المعنية في الدولة، على مستوى الأجهزة الأمنية والقضاء… وكل الجهات ذات العلاقة، أن يكون الجميع في الدولة وفي الشعب أن يكونوا سنداً لهذه الهيئة؛ لتقوم بواجباتها على أكمل وجه، وليقف الجميع موقفاً موحَّداً من كل الذين يماطلون، أو يتنصلون، أو يتهربون من إخراج هذا الواجب المهم الذي يعتبر ركناً من أركان الإسلام، لا يمكن التهاون فيه، ولا يمكن التساهل تجاه من يحاول أن يتهرب من هذا الركن المهم، والحق المستحق الذي يجب عليه.
فنحن هنا بقدر ما نشكر الإخوة العاملين في هيئة الزكاة، وعلى رأسهم الأخ الفاضل الشيخ شمسان أبو نشطان، بقدر ما نؤكد على الجميع أن يكونوا سنداً لهم، ونحث الجميع على العناية بهذا الواجب العظيم، الذي سيمكن أن يكون- بكل تأكيد- البديل الصحيح الذي يعبر عن هوية هذا الشعب، عن كرمه، عن عطائه، عن سخائه، عن إيمانه، عن التزامه، بدلاً من الاحتياج أو الخضوع للمنظمات الأجنبية التي تتحكم وتحاول أن تعمل وفق أجندة معينة خاضعة لتأثير: إما سياسي، أو أمني… أو اعتبارات أخرى، وأن يستمر الابتزاز الدولي الذي كثيراً ما يتردد بين الحين والآخر بهدف تحقيق أهداف أخرى.
هذه الفريضة العظيمة ستؤمن التكافل الاجتماعية في كل مجالات الحياة، للفقراء، والمساكين، وابن السبيل، وتزوج الأيامى من الفقراء، كما أنها سيكون لها أثر كبير جداً في الحيلولة دون حدوث أي مجاعة في واقع هذا الشعب، إضافةً إلى ما سيقابل ذلك من جانب الله “سبحانه وتعالى” فيما وعد به من البركات والخيرات وسعة الأرزاق.
ثالثاً: من المهم جداً السعي لتيسير أمور الزواج، هناك مبادرات بدأت في بعض المحافظات، ومنها محافظة حجة، مبادرات جيدة وممتازة من أجل تيسير تكاليف الزواج، بدءاً من تحديد مستوى المهر والتكاليف الأخرى بسقفٍ معقول وممكن وميسر، وإضافةً إلى حل الكثير من التعقيدات التي دخلت في إطار عادات جديدة، أو كذلك شروط ومتطلبات إضافية لا ضرورة لها، ولا تراعي الظروف الصعبة للناس، من المهم جداً أن تتكرر مثل هذه المبادرات في مختلف المحافظات، وأن يسعى الجميع لتيسير تكاليف الزواج؛ حتى يتمكن الشباب والشابات والمحتاجون للزواج من الزواج، ومن تأسيس أسرهم، ومن أن يكوِّنوا لبنات جديدة في هذا المجتمع اليمني المؤمن العظيم.
رابعاً: من المهم الخلاص من بعض السلبيات والإشكاليات التي تترافق مع الاحتفالات والأعراس، ومنها: إطلاق النار بالذخائر الحية، هذه من أسوأ ما يمكن أن يحدث من العادات؛ لأنها تشكل خطراً وتهديداً على حياة الناس، البعض في أعراسهم قد يكونون هم في فرح وحالة ابتهاج، ولكنهم قد يحوِّلون حياة أسر أخرى إلى مأتم، وإلى حزن، بسبب الإصابات الناتجة عن إطلاق النار بالأعيرة النارية في الهواء، هذا خطأ كبير، والأعيرة النارية ليس مكانها الأعراس لتصوب إلى الأعلى لتسقط على رؤوس الناس، مكانها في الجبهات، مكانها في الجبهات في التصدي للأعداء، يجب السعي على المستوى التوعوي، ثم على المستوى الأمني، ثم على المستوى الاجتماعي، بالتعاون بين الجميع للحد من هذه الظاهرة السلبية التي تحصل في بعض المجتمعات، ويكون لها نتائج سلبية، وضحايا من أبناء الناس.
أيضاً من العادات السلبية التي تحصل عند البعض: الإزعاج للمجتمع على مستوى الحارة أو القرية بمكبرات الصوت ليلاً، يعني: في أغلب الأحيان ليلاً إلى أوقات متأخرة من الليل، البعض في حارة معينة أو في قرية معينة يجهزون مكبرات صوت ذات صوت عالي جداً، ثم يشغلونها لتبقى إلى الصباح، أو إلى وقت متأخر من الليل، ويسبب هذا إزعاجاً كبيراً لأبناء المجتمع، مثل هذا لا يجوز، شرعاً لا يجوز، إطلاق النار بالأعيرة النارية التي تسبب القتل للناس أيضاً لا يجوز شرعاً، ومن المهم الحذر من مثل هذا.
في نهاية هذه الكلمة أبارك للإخوة العرسان من جديد، وأسأل الله أن يكتب لهم الحياة الطيبة مع أسرهم، وأشكر الحاضرين جميعاً من كل رجالات الدولة وسائر الحاضرين.
وأسأل الله “سبحانه وتعالى” أن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا، وأن يفرِّج عن أسرانا، وكما وعدت لا أطيل عليكم.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ تَعَالَى وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛