كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي في الذكرى السنوية للشهيد 1439هـ
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين.
أيها الإخوة والأخوات..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛؛؛
والسلام والرحمة والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار، وتحية الإعزاز والإكبار والتقدير والتبجيل لأسرهم الكريمة المعطاءة، في هذه الأيام، منذ الثالث عشر من جمادى الأولى وإلى الثامن عشر منه، هناك مناسبة مهمة جدًّا، اعتدنا على إحيائها سنوياً، هي: الذكرى السنوية للشهيد، وهي من أهم المناسبات بدلالتها، وبمضمونها، وبما تتعلق به، وبما تحتاج الأمة إليه، سيما ونحن في مرحلة مهمة وحساسة، وبلدنا في العام الثالث على التوالي يواجه عدواناً أجنبياً ظالماً من قوى البغي والعدوان، هو: العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، الذي لا يألو جهداً في ارتكاب أبشع وأفظع الجرائم والانتهاكات بحق الشعب اليمني المسلم العزيز.
ونحن في مواجهة هذا التحدي الهادف إلى احتلال بلدنا، واستهداف شعبنا، وإذلال أمتنا، وفرض خيارات العمالة والخيانة على شعبنا وعلى سائر شعوب المنطقة، نحن في أمسِّ الحاجة في ظل أوضاعٍ كهذه، وفي مواجهة تحدياتٍ كهذه، إلى هذه الذكرى المعطاءة بالدروس العظيمة والمهمة، والتي نتزود منها: قوة العزم والإرادة الفولاذية، وقوة التحمل والاستعداد العالي، الاستعداد العالي للتضحية في مواجهة هذه التحديات مهما كان مستوى التضحيات.
أهداف الذكرى السنوية للشهيد
تهدف هذه الذكرى لأهداف متعددة، في مقدمتها: التعظيم والتبجيل والتقديس لأسمى عطاء وأشرف تضحية، وهو: عطاء الشهداء، وهي تضحياتهم التي كانت إلى أعلى مستوى: التضحية بالنفس، التضحية بالحياة، التقدمة لأغلى ما يمكن أن يقدمه الإنسان فيما بيده، فيما أعطاه الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى- التضحية بالروح والحياة، بهذه الدنيا الفانية، وهو عطاءٌ عظيم، وهي تضحيةٌ عظيمة، جديرةٌ بالتقديس والتبجيل والتعظيم، وكذلك جديرةٌ بالاحتفاء بها، والإشادة بها، والافتخار بها، فشهداؤنا هم تاج رؤوسنا، وهم فخر أمتنا، وهم عنوان عزتنا وصمودنا وكرامتنا.
وأيضاً، يضاف إلى ذلك الاستفادة من هذه الذكرى بالاستلهام منها لكل معاني العزة، ولكل ما يساعد الإنسان على الصمود والثبات في مواجهة التحديات، في مواجهة الأعداء والظالمين، الطغاة المستكبرين، ودروس كثيرة ومهمة، مثل لفت النظر- أيضاً كذلك- إلى أسر الشهداء، ومسؤولية الأمة تجاههم، وغير ذلك من الفوائد الكثيرة لإحياء هذه الذكرى.
الشهادة.. ما ذا تعني؟
وحينما نتحدث في هذه المناسبة عن عنوانها الرئيسي (الشهداء)، نأتي في المقدمة إلى الحديث عن الشهادة، ما هي الشهادة، وماذا تعنيه الشهادة؟ من المعروف أن لدى البشر- بشكلٍ عام- اعتراف بتقديس الشهادة، وللشهداء منزلة رفيعة وعالية ومقام عظيم وسامٍ لدى البشر بمختلف مشاربهم، ولهذا نلحظ مثلاً أن مختلف التيارات والقوى، مختلف الأقوام، مختلف الملل، أغلبهم يسمون قتلاهم بالشهداء، قتلاهم في مواقفهم، في قضاياهم، في اتجاهاتهم …الخ. يطلقون عليهم لقب الشهداء، وحتى الأقوام- أحياناً- أو التيارات التي لا تعترف بالدين ولا تركز على مسألة الإيمان بالجنة والنار، أو لا تربط مواقفها بالمبادئ والقيم الدينية والأخلاقية، بل تعتبر اتجاهها في هذه الحياة، فيما هي فيه من مواقف وتوجهات، مجرداً عن ما يسمى: قيماً أخلاقاً، مبادئ، يطلقون عليه مثلاً: موقفاً سياسياً مجرداً، منفصلاً عن كل هذه الاعتبارات، أو أي عنوان من العناوين، حتى هم- في الغالب- يسمون القتيل منهم بالشهيد، يطلقون عليه عبارة الشهيد ومسمى الشهيد؛ وهذا لأن الوجدان الإنساني يقدر ويعز الشهداء، ويعترف بعظمة وسمو الشهداء، ولذلك حرص الكل أن يسموا قتلاهم بالشهداء، بغض النظر عن أي توجه، عن أساس الموقف، عن طبيعة الهدف، … الخ. ولذلك هذه أول نقطة، أو النافذة التي نطل منها على الشهادة.
الشهادة في سمو وعظمة منزلتها واعتبارها لدى الجميع، الشهيد في مقامه العظيم والعالي، وما حظي به من شرف باعتراف الكل، ولذلك يتنازعون على هذا المسمى، كلٌ يريد أن يكون قتلاه الذين ضحوا، أو قدموا وأعطوا في اتجاهه، أن يكونوا بهذا العنوان وبهذا الاسم، ونلحظ مثلاً: أن البعض لم يعد لديهم حتى فهم صحيح عن مسألة الشهيد الحق، والشهادة الحقة التي تعتبر وفق التوصيف القرآني، وفق التسمية الإلهية التي ارتبط بها الوعد الإلهي فيما وعد الله به الشهداء، حصل التباس لدرجة أن البعض مثلاً: يتصور أن عنوان الشهيد يتعلق بأي قتيل، كل قتيل بنظرهم يعتبر شهيداً ويرون فيه أنه شهيد، باعتبار أنه قتيل، فمن قتل فهو في نظرهم شهيد، ولغياب مثلاً حالة التثقيف، أو تشوش حالة التثقيف والتوعية تجاه هذا الأمر وتجاه هذه المسألة، طبعاً يمكن النظر إلى كثير من هذه الحالات التي يطلق فيها هذا المسمى على كثيرٍ من الناس بالعُرف، المسمى العرفي والعنوان العرفي، يعني: شيء تعارفوا عليه بهدف التقديس، أو التثمين والتقدير للتضحية التي قدمها شخصٌ ما، لكن علينا أن نعي جميعاً ما هو المعنى الحقيقي والصحيح للشهيد والشهادة، ومتى يكون الإنسان فعلاً شهيداً في سبيل الله.
هناك أيضاً في الأوساط الدينية لدى البعض سوء تقديم وسوء ترغيب في الشهادة في سبيل الله، فمثلاً: البعض- حتى تحت العناوين الدينية- يقدم عنوان الشهادة وكأنها مجرد عملية انتقال بسبب الاستعجال السريع للانتقال إلى الجنة والتنعم بالحور العين، كثير يقدم الشهادة هكذا، يعني مسألة إنسان عجال، زهق من هذه الحياة يشتي يتنعم، يريد يرتاح، ومستعجل جدًّا للذهاب إلى الحور العين، ويأتي من بعض الأوساط ذات العناوين الدينية غير الواعية، يأتي كثيراً الشّد إلى الشهادة والترغيب في الشهادة تحت عناوين مادية بحتة: إما الحور العين، أو غير ذلك من النعيم، وأصبحت منهجية- ربما- لدى البعض، مثل: القوى التكفيرية، منهجية محاطة بأساليب معينة وطرق معينة، تُحدث تأثيراً في البعض، فيذهب هكذا: ليس لديه قضية، ليس لديه مبدأ، ليس لديه أي شيء، المسألة ملخصة عنده ومختصرة عنده في حدود أنه يريد أن يذهب ليجعل من عملية القتل وسيلة إلى انتقال سريع إلى هناك، إلى ما قد شدوا أنظاره إليه وعبأوه به بشكل جذاب ومغرٍ جدًّا جدًّا، حتى بات لا يفكر في أي شيء، إلا في الحوراء ومعانقتها والحياة معها… الخ.
المعنى الصحيح للشهادة
عندما نأتي إلى القرآن الكريم، نجد التعبيرات القرآنية تعبيرات حكيمة وهادية، وتقدم لنا- كذلك- المدلول الصحيح والتعريف الصحيح، ومع إحاطة المسألة هذه بالتعظيم والتقديس والتبجيل الكبير، يقول الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى-: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ}[البقرة من الآية154]، ويقول -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى-: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ}[آل عمران من الآية: 169-171].
الشهادة الحقة، الشهادة التي ارتبط بها الوعد الإلهي بالحياة الكريمة عند الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى- والزلفى لديه، وأن يحظى الإنسان في تلك الحياة برعاية إلهية خاصة وعظيمة، حيث يحلُّ الإنسان الشهيد ضيفاً في رعاية الله، في كرامة الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى- محفوفاً بهذه العناية الإلهية، في ظل انتقالٍ إلى حياة حقيقية مؤكدة، أُكِدَّت في النصين القرآنيين، وإن كانت غير الحياة المألوفة في واقعنا، ولا نعرف التفاصيل الكثيرة عن هذه الحياة إلا بحدود ما قُدِّمَ في القرآن الكريم، أو أُثِر عن الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- هذه الحياة ينتقل الإنسان فيها إلى حالةٍ من الاطمئنان التام، والأمن، والاستقرار النفسي، والاستبشار بجنة الخلد التي هي ما بعد مرحلة القيامة والحساب، يعني: ليست الحالة انتقال إلى جنة الخلد، ينتقل الشهيد إليها مثلاً، التي يمكن أو يفترض الانتقال إليها بالنسبة للمؤمنين والموعودين بها، ممن يرضى الله سعيهم في هذه الحياة، ويرضى عملهم، ويتقبل إيمانهم، والتي هي ما بعد قيام القيامة، هذه مسألة أخرى، الشهيد يحظى ما قبل ذلك بحياة لها شكلها الآخر في ظل رعاية إلهية مؤكدة عظيمة، في ظل ضيافة الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى- مستبشراً وفرحاً برزق الله، {بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}، يتنعمون حقيقةً، الله أعلم عن تفاصيل هذا النعيم، عن تفاصيل هذه الحياة، عن كيفية هذه الحياة.
النص القرآني يؤكد أنها حياة حقيقية؛ لأن البعض- كذلك- يستبعدونها، ويتصورون المسألة- وفق تأويلاتهم- مسألة تحكي عن المستقبل البعيد، أو مستقبل ما بعد القيامة، فيما هي تأكيدات، وتطمينات…الخ. لكن |لا|، النص القرآني يؤكد- بما لا يدع مجالاً للشك- أنها حياة حقيقية، وفيها النعيم، وفيها الرزق، وفيها الاستبشار بالمستقبل الموعود العظيم، وفيها الاستبشار بمن خلفهم، ممن هم في نفس الطريق، في نفس النهج، في نفس المشوار، في نفس المبادئ، في نفس التوجه، في نفس الالتزام، في نفس الهدف… فالقرآن يؤكد هذا، هؤلاء الذين يحظون بهذا الشرف العظيم، برضى الله عنهم، بتقديره العظيم لعطائهم ولتضحياتهم، لدرجة أن يخلّدهم في حياةٍ أبدية، وأن لا يذهبوا إلى الفناء والانعدام للحياة إلى يوم القيامة، بل يحظوا حتى من بعد لحظات شهادتهم ومرحلة شهادتهم إلى قيام الساعة بهذه الحياة، بهذه الضيافة الإلهية، هذا تقدير كبير لعطائهم، وتمجيد وشكر لسعيهم ولعطائهم، يعني مكافأة إلهية عظيمة، تعبِّر عن عظمة هذا العطاء، وعن التقدير الإلهي والتثمين الإلهي والرضى الإلهي عن هذا العطاء، رضىً من الله، وقابل عطاءهم وتضحياتهم بحياتهم بهذا العطاء العظيم.
فالشهيد يرى نفسه ما بعد الشهادة، مع فارق لحظة السقوط في حالة الشهادة، يرى نفسه بعد ذلك في ذلك العالم، الله أعلم أين! وقد صار في ظل تلك الحياة في كل أجوائها، في ظل تلك الضيافة والرعاية الإلهية الكريمة والعظيمة.
في سبيل الله.. الهدف المقدس للشهيد
هذه الشهادة ليست مجرد توجه من الإنسان برغبة مادية بحتة، يعني: إنسان لم يكن يهمه من الشهادة إلا معانقة الحور العين، وإلا الوصول إلى تلك الماديات. |لا|، العنوان الواضح في الآيات القرآنية، سواءً في قوله تعالى: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ}، أو {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ الله}، هذا العنوان العظيم، المهم، الكبير، المقدس، وهو: (فِي سَبِيلِ اللّهِ)، يوضح أن للشهيد قضية، وله هدف، وله مبتغى، ليس مجرد شخص لم يكن يفكر أبداً بأي شيء، ولا يهمه شيء، ولا يرتبط بشيء ما عدا ذلك الهدف المادي الذي استعجل للذهاب إليه، وكان مستعجلاً جدًّا للرحيل إليه. |لا|، الشهيد له مبدأ، له قضية، له أخلاق، له قيم، له أهداف، وهو ينطلق على أساسٍ من تلك القضية؛ فيضحي وهو يحمل تلك القضية، هذه القضية يُعبّر عنها في أنها قضية عادلة، وفي أنها قضية مشروعة، وفي أنها قضية مُحِقة، وفي أن الهدف فيها هدفٌ مقدس، بهذا العنوان الشامل الجامع، وهو: (فِي سَبِيلِ اللّهِ)، لا يمكن أن يكون هناك عنوان يعبّر عن: حق، وعدل، وصدق، وهدف مقدس، وتوجه صالح، وعمل مشروع، مثلما يعبّر هذا العنوان: (فِي سَبِيلِ اللّهِ)؛ لأن الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى- وهو الملك الحق المبين، هو الحق، ومنه الحق، وهو الذي يرسم لعباده الحق، وهو -جلّ شأنه- هو ملك السموات والأرض، وهو الذي يشرع لعباده الشريعة الحق، ليرسم لهم معالم الحق، يعلمهم العدل، يقدم لهم في تعليماته، في توجيهاته، فيما يأمرهم، فيما ينهاهم، فيما يفصل بينهم، في كل ما يقدمه لهم… العدل، العدل في كل شيء، العدل في كل شؤون حياتهم، العدل في كل المواضيع التي يمكن أن تكون ذات خلاف، أو محل صراع، أو يمكن أن يحدث بشأنها اختلافات ونزاعات، الحق من الله، هو الحق، ولا حق غيره، العدل فيما يقدمه لعباده، هو العدل بما تعنيه الكلمة، لا حيف فيه، ولا جور فيه، ولا ظلم فيه.
والله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى- رسم لعباده في هذه الحياة المبادئ التي تمثل المبادئ الحق لكل من يريد الحق في هذه الحياة، من يريد أن يكون ويهمه أن يكون على الحق في هذه الحياة، فالله رسم- من خلال أنبيائه ورسله وكتبه- المبادئ الحق، التي من التزم بها من البشرية، أياً كان، من أي صُقعٍ وأي قُطرٍ وأي منطقةٍ في العالم، من يلتزم بتلك المبادئ هي مبادئ حق، ورسم لهم طريق العدالة، وحدد لهم حدود العدالة، التي إن التزموا بها- أيضاً- كانوا على العدل، وحذَّرهم من الظلم، ونهاهم عنه بكل أشكاله، الظلم بكل أشكاله، بكل أساليبه: ما كان منه يطال الإنسان في نفسه وحياته: مثل قتل، أو مثل سجن، أو مثل أذى بالتعذيب، أو أي وسيلة من وسائل الظلم الذي يمسّ الإنسان مباشرة في حياته، أو في جسده، أوفي نفسه، أو ما يمسه في حقٍ من حقوقه في الحياة هذه: في ماله، أو في عرضه… أو غير ذلك.
يحدد متى يمكن أن يعاقب هذا الإنسان بحق، وأن يجازى بعدل، ومتى لا يجوز ذلك أبداً، وعلى كُلٍ.. في سبيل الله، هو: عنوان للطريقة التي رسمها الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى- من ارتبط بها، والتزم بها، وسار على أساسها، والتزم بها في هذه الحياة، التزم بها سلوكاً، التزم بها موقفاً، وهي مجموعة من القيم الأخلاقية والإنسانية والفطرية، والتعاليم العادلة، والتعاليم التي هي: عدلٌ، وصدقٌ، وحقٌ، وخيرٌ، وفلاحٌ، ورشدٌ، وزكاءٌ؛ لا حيف فيها، لا مساوئ فيها، لا خزي فيها، لا عار فيها، كلها شرف لهذا الإنسان، كلها خير لهذا الإنسان، كلها تعبر عن مصلحة حقيقية لهذا الإنسان، وللبشرية جمعاء أيضاً، فمن لقي الله في هذا الطريق، على أساسٍ من هذه المبادئ والقيم والأخلاق، ملتزماً بها، يعتبر عند الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى- شهيداً، يحظى بهذا النعيم، بهذا التكريم، بهذه الرعاية، بهذه الضيافة، بعدها نعيم يمتد إلى الأبد إلى ما لا نهاية له نهائياً أبداً، (جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ).
من هو الشهيد حقاً؟
ولذلك لنع جميعاً، ما كل من يقتل فهو شهيد. |لا|، الذي يقتل بهدف باطل ليس شهيداً عند الله، كان يريد هدفاً، يعني: يسعى من وراء جهده القتالي مثلاً لأهداف مادية، باغياً فيها، معتدياً فيها، لا يملك قضية، ليس هو هذا الشهيد الذي يتحدث عنه القران الكريم والذي قدم له هذا الوعد الإلهي، من كان في موقف باطل، ليس في موقف الحق، لا يسمى عند الله شهيداً، ولا يعتبر عند الله شهيداً، ولا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالوعد الإلهي للشهداء، من كان باغياً، ظالماً، مجرماً، وقُتِلَ في هذا الاتجاه الإجرامي؛ فهو مجرم، خلاص هو مجرم، يعني: المجرم ليس بشهيد، المجرم مجرم، المجرم يعني: اتجاهه إلى جهنم، ولا يمكن له أن يحظى بذلك النعيم والشرف والتكريم والرعاية الإلهية، وذلك المجد والسناء… الخ. |لا|.
ولكن من ينطلق يحمل هذه القضية العادلة، والموقف الحق المشروع بحق، ويضحى بهدفٍ سامٍ؛ هو شهيد، وقد يكون الإنسان مثلاً شهيد مظلومية، يعني: قُتِل بغير حق، اعتداءً عليه، بغياً عليه، ولكن لم يكن في إطار مسئولية، هذا شهيد مظلومية، لكن شهيد المسئولية، شهيد الموقف، شهيد الحق الذي يحمل قضية عادلة، ويتحرك ويضحي، مقامه هو أعلى مقام، وموقفه هو الذي حظي بذلك التمجيد والثناء، وارتبطت به تلك الوعود العظيمة والكبيرة من الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى- فهذه لمحة عن مدلول الشهادة.
وأيضاً من الأشياء المهمة التي ينبغي أن نلحظها في موضوع الشهادة: أن الشهادة ليست مجرد حالة من التضحية غير الواعية، يعني مثلاً: الإنسان [ضجر، تعقد؛ يريد أن يتخلص من هذه الحياة]. |لا|، الشهادة: تضحية واعية، هادفة، بدافع إيماني، الشهيد هو: إنسان له مشاعره، له علاقاته، له ارتباطاته في هذه الحياة، إنسان طبيعي، إنسان سليم، إنسان متّزن، يملك في وجدانه كل المشاعر الإنسانية، يُحِب، له عواطف، له أحاسيس، له مشاعر… الخ. ولكن هدفه السامي، مشروعه الكبير، قضيته العادلة، هي كانت فوق كل اعتبار، وأيضاً هذه المشاعر والأحاسيس تتحول إلى عامل مساعد، حتى محبته للناس، حتى محبته لأسرته، حتى محبته لأصدقائه، حتى محبته لأمته تتحول إلى عامل مساعد ومحفز على الشهادة في سبيل الله تعالى، نصرة لأولئك المستضعفين، ودفاعاً عنهم، ودفعاً للظلم عنهم، ودفعاً للاضطهاد عنهم، هي في الوقت نفسه تضحية واعية بحقيقة هذه الحياة.
الشهادة في ميزان الربح والخسارة
هذه الحياة هي حياة مؤقتة على كل حال، وإذا جئنا لندرس الشهادة في ميزان الربح والخسارة، وهل الشهيد خسر حياته، وترك ما هو فيه في هذه الدنيا، وخلاص انتهى؟ |لا|. إذا جئنا لنحسب الأمور في حساب الربح والخسارة، كلنا يعلم وكلنا يوقن أن وجودنا في هذه الحياة وجودٌ مؤقت، وأن الفناء محتومٌ علينا، والموت نهايةٌ حتميةٌ لكل الموجودين في هذه الحياة، الله -جلّ شأنه- قال عن الأرض: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن من الآية: 26]، كل من عليها: ملوك، رؤساء، زعماء، قادة، كبار، رجال، صغار، نساء… الكل نهايتهم في هذه الحياة، في الوجود على كوكب الأرض، في الوجود في هذه الحياة، الفناء، الفناء أمر حتمي {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ}، يقول -جلّ شأنه-: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [الأنبياء من الآية: 35]، هذا أمر واضح، ولهذا كم هي الأجيال التي رحلت من قبلنا، نحن اليوم جيل متأخر، في آخر الزمان، الله أعلم كم من الأمم، كم من المليارات من البشرية التي قد رحلت وفارقت هذه الحياة، عاشوا في هذه الحياة، كانوا في هذا الوجود عاشوا بحظهم، بنصيبهم في هذه الحياة، بمقدار ما كُتِبَ لهم في هذه الحياة، وما أُعطوا في هذه الحياة، وعاشوا هذه الحياة بحلوها ومرها، وصراعاتها ومشاكلها، وخيرها وشرها، وما فيها… ورحلوا جيلاً إثر جيل إثر جيل، لم يستطع جيل، ولم يستطع أحد من البشرية، أن يبقوا خالدين في هذه الدنيا، وأن يتخلصوا من الفناء، وأن يدفعوا عن أنفسهم الموت، وأن يعيشوا إلى الأبد، فنرى مثلاً في عصرنا شخصاً له كذا كذا آلاف من السنين، وكذا كذا مئات الآلاف أو عشرات الآلاف في عمره من الأعوام. |لا|، أجيال إثر أجيال، كان فيهم: الملوك والمقتدرون، والأغنياء ذو الثروة الهائلة، من لو استطاع أن يشتري في هذه الحياة بأموال كثيرة وهائلة، أو بكميات هائلة من الذهب والفضة، أو من المبالغ، أو من النفائس، أعماراً طويلة ومُدداً وآجالاً متأخرة لفعلوا. |لا|، خلاص يطويهم الزمان (الموت)، يأتي عليهم الفناء، يحلُّ بهم أمر الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى- الغالب القاهر، ويرحلون، وأصبحت هذه مسالة حتمية، معروفة عند البشر، لا أحد يستطيع أن يدَّعيَ لنفسه الخلود في هذه الدنيا وفي هذه الحياة، كُلٌ منا يوقن أنه سيموت وأن الفناء محتومٌ عليه، فهذه أول حقيقة من الحقائق التي تجعلنا ننظر إلى الشهادة، ونفهم كيف هي في ميزان الربح والخسارة: أنه لا بد لكُلٍ منا من الرحيل من هذه الحياة، وأننا موجودون ضمن آجال وحدود معينة، لك أجل لا يمكن أن تتعداه نهائياً، هذه واحدة من المسائل.
حقيقة أخرى من الحقائق: كلنا لا يدري ولا يعرف متى سيموت؟؟ ما أحد يعرف بالتحديد والتأكيد واليقين أن وفاته ستكون في عام كذا، في يوم كذا، في وقت كذا. |لا|، ما أحد يعرف على وجه اليقين والتأكيد متى سيموت، ولا كيف ستكون نهايته في هذه الحياة، هل وفاة بالشكل الطبيعي، هل بمرض معين، هل بحادث من الحوادث؟ بعضهم مثلاً حادث اصطدام سيارة، أو انقلاب سيارة، أو أي حدث من الأحداث الكثيرة جدًّا والمتنوعة في هذه الحياة، والتي تنوعت أكثر في زمننا هذا، في زماننا هذا تنوعت الحوادث بشكل أكثر وأوسع، كيف هي نهايتك في هذه الحياة؟ لا تعرف.
أيضاً أين، أين ستكون نهايتك؟ أين ستلاقي حتفك؟ أين سيأتي الموت وأنت في أي مكان؟ {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}[لقمان من الآية: 34]، ما تعرف أي أرض ستكون فيها نهايتك، في بقعة، في أي منطقة؟ لا تعرف هذا. هذه حقائق مؤكدة بالنسبة لكلٍ منَّا، لا بد من الفناء، لا بد من الموت، لا يعرف الإنسان متى، ولا كيف، ولا أين.
الشهادة فرصة لتستثمر موتك
فإذاً، ليست الشهادة هي السبب الوحيد لانتقالك من هذه الحياة، فإذا فرضنا أنك لم ترزق الشهادة ستبقى في هذه الحياة؟ |لا|، بل هي أفضل وأرقى وأسمى عملية استثمار من فناءٍ محتوم وموتٍ لا بد منه وانتقالٍ حتمي، انتقال لا بد منه، إذاً الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى- بفضله، بكرمه، برحمته، فتح فرصة أمام عباده لاستثمار هذا الفناء وهذا الموت وهذا الانتقال من هذه الحياة المحتوم الذي لا بد منه، لاستثماره بشكلٍ ينتقل الإنسان فيه درجة عالية، منزلة رفيعة، نعيماً عظيماً، فضلاً عظيماً، أجراً كبيراً عن طريق الشهادة في سبيل الله. بأن تتحرك في طريق الحق، في مقارعة الظلم والطاغوت والاستكبار، بأن تتحرك؛ لأن الشهادة في سبيل الله ليست عملية تفاني للدفاع عن الله، -جلّ شأنه- هو الغني، هو الغني، لا يناله ضرٌ من أحدٍ من خلقه أبداً، ولا حتى مثلاً عملية الإنسان يدافع فيها عن الدين، بمعنى: أنه هذا الدين أصبح عبئاً علينا، وإذا لم ننطلق نحن لندافع عنه خلاص مات وانتهى، الدين هو لنا، هو: عبارة عن برنامج حياة، إذا أخذنا به سعدنا، وشرفنا، واعتززنا، وكرمنا، وكان فيه خيرٌ لنا في الدنيا والآخرة، وليس عبارة عن شيء ثانوي خارج حياتنا، خارج واقعنا، خارج مصلحتنا، خارج ما هو مفيدٌ وخيرٌ لنا، ومثَّل هناك عبئاً نضحي من أجله، هو لنا، مصلحة لنا، خير لنا، فضل لنا، أجر لنا، شرف لنا في الدنيا والآخرة.
وعلى كُلٍ، عملية الاستثمار هذه تحدث عنها القرآن بعبارة عظيمة ومهمة، قال الله سبحانه وتعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ} [البقرة الآية: 207]، كيف ختمت هذه الآية المباركة، شطرٌ منها هو ختامها، بهذا التعبير العجيب: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ}، يعني: يبيع نفسه عن طريق التضحية بهذه النفس {ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ}، في الوقت نفسه يقول: {وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ}، يعني: من رأفة الله بنا ورحمته لنا أن فتح لنا مجالاً لاستثمار هذه النهاية الحتمية، هذا الرحيل المحتوم الذي لا بد منه من هذا الوجود، من هذا العالم، من هذه الحياة، ليكون على نحوٍ نستفيد منه فيما يكتب به ويكتب له ويكتب عليه، ما يكتب لأجله من الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى- ما يكتب به من فضل الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى-؛ فتفتح لنفسك بهذه التضحية الآفاق الواسعة من رحمة الله، من فضله العظيم الواسع الكبير، من رعايته الكريمة، هذا يعتبر -فعلاً- أمراً عظيماً وشرفاً كبيراً جدًّا.
ولهذا لاحظوا، البعض مثلاً يستغلون- سيما في ظل الصراع- يستغلون مسألة الشهداء والتضحيات، وبالذات في مثل هذه الحالة من الصراع الساخن، الذي فيه كل يوم شهداء، المسألة هذه لمحاولة الإيغار للصدور، والتحسيس للناس بأن التضحية خسارة، التضحية في سبيل الله، في قضية عادلة، في قضية محقة، خسارة وغبن…الخ. |لا|، ليست غبناً، هذا شيء مهم جدًّا.
المؤمن ومعادلات الصراع
أيضاً، من المسائل المهمة التي ينبغي أن نلحظها في هذا الموضوع: أن الشهداء هم يتحركون- أيضاً- بوعي عن طبيعة الصراع في هذا الوجود وفي هذه الحياة، يعني: الحياة هذه (الحياة الدنيا) هي ميدان مسؤولية وميدان اختبار، واحدٌ مما فيها، ومن أهم ما فيها، ومن أهم ما لازمها في واقع حياة البشرية، وعلى مر التاريخ، ومنذ الوجود المبكر للبشرية، منذ أبناء آدم وإلى اليوم، حالة الصراع؛ لأن هذا الإنسان حتى يصبح مُمَكَّناً، ويصبح مكلفاً ومسؤولاً في هذه الحياة، مُكِّنَ من الخير ومُكِّنَ من الشر، وقال الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى-: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد من الآية: 10]، قال أيضاً: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس من الآية: 7-8]، الوجود البشر هو وجود مسؤول في هذه الحياة، ومسئوليته كبيرة وعظيمة ومهمة وواسعة، ودوره أساس في هذا العالم، وهذا الإنسان ألهمه الله في نفسه (الفجور، والتقوى)، ومُكِّنَ من الخير ومُكِّنَ من الشر، وأعطاه الله القدرة ليفعل بها الخير، أو يفعل بها الشر، يعني: مُكِّنَ من هذا، وأراد الله له وأمره بفعل الخير ونهاه عن الشر، وحمَّله مسئولية اختياره: إن اختار الخير؛ كافأه وجازاه خيراً، وإن اختار الشر؛ فيتحمل مسئولية هذا الاختيار، وعواقب هذا الاختيار، ونتائج هذا الاختيار فيما سيحاسب ويعاقب على ذلك.
وبناءً على هذا اختلفت اتجاهات البشر– وكما قلنا- منذ الوجود المبكر للبشر، منذ أبناء آدم الأوائل تحركت وأثرت نزعة الشر وميول الشر، ميول الهوى، النزعة العدوانية، التوجه نحو الفجور في البعض، والبعض الآخر كانت خياراتهم واتجاهاتهم في هذه الحياة في اتجاه الخير، وفي اتجاه التقوى والانضباط والالتزام، في إطار القيم، في إطار الأخلاق، في إطار الضوابط الشرعية.
في واقعٍ كهذا أصبح من البديهيات، وشبه لازم من لوازم الحياة، يعني: مسألة واقعية لازمت الوجود البشري في كل مراحله، هي: حالة الصراع، ووفر لهذا الإنسان في هذا الوجود حتى الوسائل التي تستخدم في الصراع، يعني لاحظوا مثلاً: الخيول في زمن طويــــل كانت آلات ووسائل عسكرية خلقها الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى- خلقها وأعدّها عسكرياً لتلائم الأداء القتالي وظروف الحرب، واستخدمها المؤمنون، واستخدمها الفاجرون والظالمون وأهل العدل وأهل الظلم، كُلاً يركب خيله يسرح يقاتل عليه، هُيّئ مثلاً الحديد كوسيلة أساسية يستخدمه أصحاب القيم المحقّة، القضايا العادلة، في الدفاع عن أنفسهم، عن قضاياهم العادلة، عن وجودهم، عن الحق الذي ينتمون إليه، استخدمه- أيضاً– الآخرون من بني الإنسان في ظلمهم، في جورهم، في طغيانهم، في بطشهم، في جبروتهم، {وَأَنزَلنَا الحَديدَ فيهِ بَأسٌ شَديدٌ}[الحديد من الآية : 25]، بأس: يستخدم عسكرياً على نطاق واسع، واتسعت الاستعمالات العسكرية في زمننا وفي عصرنا هذا للحديد في وسائل كثيرة جدًّا جدًّا، تطورت كثيراً.
فوجد لهذا الإنسان، ووفر له ضمن هذا الاختبار، ضمن هذه المسؤولية، وسائل هذا الصراع، حتى على المستوى العسكري، ولذلك لاحظوا، من يتصور هذه الحياة: حياة يعمها السلام بدون أي مشاكل ولا صراعات، ويتخيل هذه الحياة وهذا الوجود في الدنيا، وجوداً لا تحفُّه أي مخاطر، ولا تدخل فيه أي تحديات؛ فهو حالم، يعني: خيالي، غير واقعي.
من المسؤول عن مشكلة الصراع؟
ولم تكن- أبداً- المشكلة لا في الصراعات، ولا في النزاعات، ولا في الأخطار، ولا في جلب المِحن والمشاكل على البشرية هو الحق وأهله، هو العدل وأصحابه. |لا|، الذي يتحمل في الواقع البشري مشكلة الصراع والنزاع، وما يترتب عليه، وما ينتج عنه، والذي يجلب المآسي والويلات والنكبات إلى الواقع البشري، هم قوى الشر، هم قوى البغي، هم قوى العدوان.
تصبح الحالة الأخرى التي تتصدى لقوى الشر، تتصدى لقوى العدوان، تتصدى للبغي وأهله، لعناصر الشر، من ينتمون إلى مبادئ الحق، مبادئ العدل، مبادئ الخير الفطرية والإنسانية والإلهية، هم في موقف الحق، الموقف الضروري، الموقف الذي لا بد منه ضمن حكمة الله وعدله، وضمن سننه -جلّ شأنه- بمعنى: لا يتصور أحد أنه عندما نتحدث عن الشهادة، أو عن الجهاد بمفهومه الصحيح، وليس المفهوم المشوه، الإجرامي. |لا|، بمفهومه الصحيح الذي هو تجسيد للحق والعدل والقيم العظيمة، والذي هو وسيلة حماية للمستضعفين، وسيلة وقاية في مواجهة الأشرار والمتسلطين والطغاة والمفسدين والمستكبرين والظلمة.
فلا يتصور أحد أن المشكلة هذا الكلام، وشهداء، وجهاد، وما أدري ما هو ذاك… |لا|. ما الذي يتصور البعض أنه يمثل الحل؟ مثلاً: لو افترضنا أن كل ما يرتبط بالخير والقيم والأخلاق والعدل يُعطَّل، ونقُول أنتهى، نترك الحياة هذه للشر وأهله: للمجرمين، للطغاة، للمستكبرين؛ حتى نسلم المشاكل، حتى نهدأ ونرتاح؛ فنمكن الطغاة هؤلاء والمجرمين الذين يستخدمون وسائل القوة والجبروت والبطش والظلم والطغيان والسفك للدماء من أجل فرض تسلطهم وسيطرتهم، ومن أجل تمكنهم من الاستحواذ على كل شيء، والتحكم بكل شيء، لماذا لا ندعهم يتحكمون بكل شيء، يسيطرون على كل شيء، يتغلبون على كل شيء، يحققون أهدافهم؛ حتى نسلم حالة الاصطدام، التي يرى فيها البعض أنها حينما أتى تَبَنٍّ مثلاً لمنطق الحق، وموقف الحق، ومبدأ الحق، والتمسك بالعدل، حدث بينها اصطدام ما بين العدل والظلم، ما بين الخير والشر، ما بين الحق والباطل…
المسألة ليست كذلك، يعني لو افترضنا أنه تُرك للأشرار، والطغاة، والمتسلطين، والمستكبرين، والظالمين، والمجرمين، والمتجبرين، والمستكبرين، والعبثيين، واللاهين، والمستهترين في هذه الحياة أن يفعلوا ما بدا لهم، هل يمكن أن يعمَّ السلام والاطمئنان والخير، ونسلم المشاكل، طالما أنه لا يوجد منطق حق، ولا كلمة حق، ولا موقف عدل، ولا ولا ولا…؟!، |لا|. يا أخي المسألة حينها يحدث ما هو أفظع وأسوء وأشد سوءً بما لا يمكن أن يصل إليه خيال، ولا أن يبلغ مداه تفكير أبداً.
بمعنى: أن التمكين للمتسلطين والطغاة والمتجبرين والأشرار، لا يحل المشكلة، لا يوقف الصراع، لا ينهي حالة النزاع. |لا|، إنما يمكنهم لممارسة نزغاتهم، دوافعهم، حالة الشر بالنسبة لهم باتت حالة نفسية تنزع إليها وتندفع لها أنفسهم، أصبحت ممارسات اعتيادية، وأصبحت سلوكاً هم عليه، معنى ذلك: أن يمكنوا من ارتكاب ما يريدونه من ظلم، من جبروت، من طغيان، معنى ذلك: أن تعظم المأساة بشكل رهيب جدًّا، وأن تعظم المحنة على البشرية، وأن لا يبقى للعدل وجود، ولا للخير وجود، أن تفسد الحياة نهائياً، هذه كارثة، يعني: من يفكر هذا التفكير الأحمق (أن التمكين للطغاة، والمستكبرين، والظالمين، والمجرمين، والعبثيين، والمستهترين، واللاهين، وغير المنضبطين في هذه الحياة، وغير الراشدين وغير الخيّرين في هذه الحياة، تمكين لهم من كل شيء سيحل المشكلة)، لن يحل المشكلة، بل وأكبر مشكلة، أخطر مشكلة، أعظم مشكلة، ولا يتخيل الإنسان مدى النكبات والويلات والمصائب والمآسي الرهيبة جدًّا جدًّا جدًّا التي ستحل بالناس إن حدث ذلك.
حتمية الصراع ضد قوى الشر
والقرآن الكريم قدّم لنا فيما يتعلق بهذا الشأن عبارةً مهمةً جدًّا، قال الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى-: {وَلَولا دَفعُ اللَّهِ النّاسَ بَعضَهُم بِبَعضٍ لَفَسَدَتِ الأَرضُ} [البقرة من الآية: 251] لفسدت الأرض، لكن سنة الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى- هي: أن يدفع بعض العباد، البعض من الناس بالبعض الآخر؛ فيتجه البعض الآخر هؤلاء ليحدوا من شر أولئك، من طغيان أولئك، يحدث هذا الصراع تلقائياً؛ لأن قوى الشر والإجرام والطغيان تتسلط هي، تبتدئ هي، ما تحتاج أن تتعب نفسك بشرعنة موقفك كمنتمٍ للحق، كمظلوم، كمنتمٍ للعدل، كإنسان يحرص على أن يكون حراً في هذه الحياة من استعباد الطغاة وتسلطهم، ما تحتاج أن تتعب نفسك في شرعنة موقفك؛ هم يكفونك المؤونة، هم دائماً المبتدئون بعدوانهم، كما في القرآن الكريم: {وَتَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة من الآية: 62]، انظر اليوم إلى واقع أمريكا، أنظر إلى واقع إسرائيل، انظر إلى واقع من يرتبط بأمريكا وإسرائيل من عملائهم، حتى من أبناء العالم الإسلامي، أليسوا هم من يبتدئون الآخرين بعدوانهم؟ أليسوا هم من يبتدئون الآخرين بالاستهداف لهم؟ أليسوا هم من يسعون لقتل الآخرين، بل يباشرون قتل الآخرين، وظلم الآخرين، واضطهاد الآخرين، والتحرك العدائي ضد الآخرين، والسعي لاحتلال أرض الآخرين… الخ.؟ تدمير لمقدرات الآخرين، يفعلون كل شيء.
فإذاً، الصراع حتمي في هذه الحياة، وفي ظل وجود هذا الصراع إما أن تكون أنت في صف أولئك الطغاة، طاغٍ من الطغاة، مجرم من المجرمين بقدر مستواك المعين، إما إنسان تافه، مجرم، يجعلون منك أداةً لتنفيذ جرائمهم، جندياً تتحرك في صف الطغاة والظالمين والمجرمين، مشاركاً لهم في الوزر والإثم والظلم والاضطهاد، ومتحملاً معهم أوزاراً فظيعة، وعاراً كبيراً، وخزياً أبدياً؛ وقُدَّامك جهنم -والعياذ بالله- وإذا قتلت في هذا السبيل لا تعتبر لا شهيداً، ولاهم يحزنون، أبداً، مجرم بكل ما تعنيه الكلمة.
وإما أن تكون متمسكاً بالحق والعدل والقيم والمبادئ المحقة الإنسانية والإلهية؛ فتحرص على أن تكون حراً من تسلط الطغاة، ومن الاستعباد لهم، أن لا تقبل بالعبودية لغير الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى- لأي طاغية في هذا العالم، لأي مجرمين في هذه الدنيا، لأي مستكبرين في هذه الأرض، ولا تقبل بالعبودية إلا الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى-؛ لأن هذا هو فعلاً التحرر الحقيقي، وتصمد على موقفك هذا؛ لأنهم لن يقبلوا منك، يعني: هذه مشكلة عندهم جدًّا، الآن مثلاً: في زمننا هذا مشكلة عند الأمريكي، مشكلة عند الإسرائيلي، مشكلة عند عميل الأمريكي وعميل الإسرائيلي، يقول لك: |لا|، وسيطلق عليك ما يرغب به من توصيفات، ويبرر موقفه ضدك؛ لأن المسألة في نهايتها أن تكون عبداً لهم، خاضعاً لهم، خانعاً لهم، مستسلماً لهم، طوعاً لأمرهم، خانعاً لتوجهاتهم، مصغياً لإملاءاتهم، هذه هي المحصِّلة في النهاية، وهم أين هم؟ إن جئت للعملاء من المنطقة العربية، مثل: السعودي والإماراتي، هل له مشروع أصيل، ينبثق من هويته التي ينتمي إليها ويدعي الانتساب إليها؟ |لا|. في ضمن الفلك الأمريكي يدور، ويتحرك بشكلٍ واضحٍ ومفضوح منتمياً إلى الجبهة الأمريكية، الجبهة الأمريكية: راية طغيان، استكبار في هذا العالم، ظلم، احتلال، غزو، اعتداء، بغي، إجرام، إفساد في الأرض، إهلاك للحرث والنسل، تهديد للقيم الإنسانية… الخ.
وإما أن تكون ضحية بدون موقف، يعني: لا أنت وقفت بشكل رسمي وواضح في جانب الطغيان، في جبهة الشر والطغيان، ولا أنت وقفت بشكل واضح ومبدئي في جبهة الحق والخير في هذا الوجود، في هذه الحياة، وأردت لنفسك أن تكون بلا موقف، هكذا منتظراً- على حسب اتجاه البعض- لمن سيحسم المعركة؛ لتكون في صفه، وفي ظل هذه الحالة من الانتظار العبثي تأتي الأحداث، وتدوسك الأحداث، تأتي الأحداث لتكون ضحيةً لها، كثير من الناس يعني [يجيله يا قصف، يا أي شيء من جانب قوى الشر، وخلاص يخسر كل شيء]، يعني: لا يسلم في ظل هذا الصراع الساخن في الحياة، لا يسلم من امتدادات ونتائج وتبعات هذه الأحداث، هذه الأحداث تشمل الجميع، وتصل إلى الجميع، وآثارها ونتائجها تَعُمُّ الجميع، ما يستطيع أحد يكون بمنأىً عن آثارها، عن تداعياتها، عن نتائجها، ما يستطيع، هذا أمر واضح.
الشهداء والمنطلقات الصحيحة
1- الشهداء عندهم وعي بهذه الحقائق، عندهم وعي أن الوجود البشري ليس للدعة والاسترخاء في هذه الحياة، ونحن في عالم الدنيا وهو غير عالم الجنة، ليس عالماً للدعة والنعيم، هو عالم للمسؤولية، السعادة فيه بقدر ما يتحقق للعدل.
2- المبادئ والقيم العظيمة والسامية التي تُصلِح هذه الحياة لا بد لإقامتها من تضحية؛ لأنها تعارض بشدة من قِبَلِ قوى الشر والطغيان، وتُحَارَب بشدة من قبل قوى الطغيان، وهذا الذي حصل حتى مع الأنبياء أنفسهم، ما سلموا لا من أعداء، ولا من استهداف، ولا… أبداً، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ}[الفرقان من الآية: 31]، نبي، بكل مقامه العظيم، بكماله السامي والعظيم، بقيمه الراقية جدًّا يحارب من الكثير، يستهدف من الكثير، يؤذى من الكثير، الكثير من الأنبياء استشهدوا، في طليعة الشهداء عدد كبير من أنبياء الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى-.
فالشهداء ينطلقون من وعي بواقع هذه الحياة، وحقيقة هذه الحياة، وظروف هذه الحياة، ويرون أن حساب الشهادة حساباً ضمن حسابات الربح، وليس ضمن اعتبارات أو حسابات الخسارة، وأنه أداءٌ وتضحية واعية ورابحة وفائزة، نتيجتها الفوز العظيم، ومردودها الايجابي في الحياة عظيم جدًّا في الدنيا نفسها، الشهداء بصمودهم وتضحياتهم يقدمون لمن خلفهم من أممهم، من أقوامهم، من شعوبهم، يساعدون على تعزيز الأمن والاستقرار والحماية والدفاع، ويدفعون عنهم الكثير من الشر، الكثير من الظلم، الكثير من الاضطهاد، من الاستعباد… الخ.
فيَحِقُّ للشهادة أن تُستوعب كثقافة عظيمة، وكعطاء مقدس وعظيم وسامٍ، له أثاره العظيمة في الحياة ونتائجه المباركة، ويدفع عن الناس الكثير من التضحيات والخسائر العبثية، غير المحسوبة، غير المثمرة؛ لأن الناس لو لم يتحركوا لدفع الظلم عن أنفسهم، لمواجهة الطغيان والشر والاستكبار؛ يمكن أن يداسوا، وأن يستباحوا، وأن يقتلوا بدمٍ بارد، وتكون تضحياتهم غير مثمرة، لا تدفع عنهم شيئاً، لا تسهم في تحقيق نصر، ولا في دفع خطر، ولا في الوقاية من شر، فيتحتم أن يكون هناك توعية، من المهم أن يكون هناك توعية كبيرة بهذا الشأن، واغتباط واعتزاز بالشهداء وبتضحياتهم وبأسرهم.
في ظل عطاء الشهداء.. ما المطلوب منا تجاههم؟
هنا يهمنا بعد كل هذا الشرح والحديث أن نتحدث حول بعض النقاط فيما يتعلق بالشهداء، وأتوجه بهذا الخطاب إلى شعبنا العزيز: من المهم جدًّا ونحن في كل يوم نقدِّم شهداء يومياً، ما يمر بنا يوم في ظل التصدي للعدوان الأمريكي الإسرائيلي الإماراتي السعودي الغاشم على بلدنا وشعبنا نحن كل يوم نقدِّم الشهداء الذين يبذلون حياتهم في سبيل الله، ودفاعاً عن شعبهم، وعن بلدهم، وعن أرضهم، وعن عرضهم، وعن أمتهم، وعن قيمهم، وعن مبادئهم، وعن أخلاقهم، ويهمنا في ظل هذا العطاء العظيم اليومي أن يكون هناك اهتمام بالشهادة كثقافة، وبالشهداء وما ينبغي علينا تجاههم:
أولاً: استذكار مآثرهم وتخليدها، طبعاً الاعتزاز بالشهداء من خلال جملة إجراءات، مثلاً: ما يقوم به الكثير من مراسيم للدفن، وإجراءات فيها التوقير للشهداء والتعظيم والتبجيل، هذا شيء جيد، وللشهداء الحق في أن يميّزوا في ذلك، يضاف إلى ذلك- أيضاً- ما ينبغي علينا حتى على مستوى الكتابات، على مستوى التوثيق الإعلامي، على مستوى النشاط التوعوي… التخليد للمآثر، والاستذكار لها بكل الوسائل المتاحة.
ثانياً: ربط الجيل الناشئ بذكراهم، سواءً فيما يتعلق بأبناء الشهداء، وهذا مهم جدًّا؛ لأن البعض ينشأ، أو استشهد والده وهو في مرحلة الطفولة، عندما يكبر من المهم أن يعرف عن والده، عن تضحية والده، وعن الشهداء بشكل عام، وعن نماذج عظيمة كان لها مواقف استثنائية وبارزة جدًّا، وهذا شيء يجب أن يُلحظ، هذه من الأشياء المهمة فيما يتعلق بهذا المجال.
سلبيات ينبغي تجنبها
هناك أيضاً بعض السلبيات التي تحدث في عمليات التشييع، في مراسم التشييع ومراسم الدفن، نأمل تجنبها، ومنها: إطلاق النار هذا يجب تجنبه نهائياً، إطلاق النار يجب تجنبه نهائياً، ولا ينبغي أبداً أثناء مراسم التشييع أو الدفن، هذا أمر خطير وسلبي إلى حد كبير، هناك أيضاً بعض الأشياء التي تحصل وليست مطلوبة، مثلاً: الزغاريد أثناء مراسيم التشييع أو الدفن من بعض أمهات الشهداء، طبعاً يقدر بكل إعزاز، وبكل تقديس، وبكل تبجيل، لأسر الشهداء وأمهات الشهداء وأرامل الشهداء ما هم عليه من تماسك، من معنويات عالية جدًّا، من اعتزاز بعطائهم، من افتخار بتضحياتهم، هذه المعنويات العالية، هذا الابتهاج بهذا العطاء، وهذا الاعتزاز بهذه التضحيات، هذا أمر عظيم، ويُقَدَّر، ويشكرون عليه، وهم فخرٌ لنا أسر الشهداء فيما هم عليه من معنويات وشجاعة وثبات وتماسك واعتزاز بالتضحية، ولكن ليس من الضرورة أن يكون هناك مثلاً: زغاريد، أو إظهار للزينة، هذه خطوة ليست ضرورية؛ لأنه يمكن أن يكون هناك يعني تأكيد على الجانب المعنوي، وهذا يحصل، كثير من أمهات الشهداء، من أرامل الشهداء، من أقاربهم، من آبائهم، من إخوتهم يتحدثون بعبارات عظيمة تؤكد الصمود، وتعبِّر عن المعنويات العالية، وتؤكد على القناعة بهذا الموقف، وعلى الاعتزاز بهذه التضحية، وعلى الاستمرار في هذا الطريق، هذا يحصل، ونشاهد الكثير من المقابلات مع: آباء، إخوة، أقارب، كذلك أمهات، أخوات، أرامل… هذا يحصل، ويطلقون فيها مواقف عظيمة جدًّا ومؤثرة؛ لأنها من واقع، لأنها في حالة مصداقية مؤكدة وواضحة لا لَبْسَ فيها، تترك أثراً كبيراً، وتدل على ثبات عظيم، يكفي مثل هذه الكلمات العظيمة المعبرة، المواقف العظيمة، لكن مسألة الزغاريد لا حاجة إليها، مسألة الزينة وإظهار الزينة لدى البعض مثلاً لا حاجة لها في ذلك المقام (في مقام الشهادة)؛ لأنه هو مقام اعتزاز فعلاً، وفي الوقت نفسه نحن نحزن لفقدانهم، نعتز بعطائهم وبالتضحية من جانبهم وبهم، ولكن في الوقت نفسه نحن نحزن، مشاعرنا الإنسانية طبيعية جدًّا في الحزن عليهم مع الصبر، هذا شيء مؤكد، مع التجلد، مع التماسك، مع الاعتزاز، هذا شيء يُلحظ.
من الأشياء التي نلاحظها في التلفزيون في مشاهد التشييع للشهداء: أن البعض أثناء حمل الشهيد، وهم يتجهون به لدفن الجثمان، يسرعون بشكل زائد، يعني: عجالين، يسرعون في المشي، وهذا لا ضرورة له، ولا ينبغي شرعاً، يعني: يفترض أن تكون المشية مشية وقار، لا مسارعة بزيادة: مسرعين (سبق)، ولا متأنيين زيادة، يعني: بثقالة جدًّا، نحن اليمنيين طبيعتنا عجّالون في كل أمورنا يعني، ولكن مشية وقار ومشية طبيعية: لا سرعة زائدة جدًّا، ولا ثقالة زائدة، هذا مما نأمل أن يُلحظ.
فيما يتعلق بموضوع أسر الشهداء، ونحن نعتز بتضحياتهم، والبعض من الأسر قدَّمت تضحيات كبيرة ومتميزة، يعني مثلاً: البعض من أسر الشهداء قدَّمت كل رجالها، لم يبقَ إلا الأطفال والنساء، هؤلاء لهم فضل عظيم في التضحية، وهم القدوة، وهم الأصل في مستوى العطاء والتضحية، ونحن نؤكد دائماً على الإخوة في الجانب العسكري وفي وزارة الدفاع أن يمنع وحيد الأسر من المشاركة في الجبهات، يعني: من لم يبقَ لأسرته إلا هو هناك آخرون يعني يمكن يذهبوا هم إلى الجبهات، لكن من لم يبقَ لأسرته إلا هو، من المهم أن يعود إلى أسرته ليتواجد بين أسرته، للقيام بأسرته، يعني: لا نفترض من الأسر أن تقدم كل أبنائها، حتى لا يبقى إلا الأطفال والنساء. |لا|، هذه تضحية كبيرة جدًّا وعظيمة، لكن نحن شعب تعداده بالملايين، وهناك الكثير من الرجال والشباب، والله المستعان! يعني: لا ينبغي أن يكون الثقل في التضحيات والعطاء منحصراً على البعض، ويبقى البعض بدون أن ينالوا هذا الشرف.
فالبعض من أسر الشهداء كذلك قدَّمت أكثر أبنائها، هذا مقدَّر، وهذا عظيم، وهذا مشرِّف، ومن المهم أن تتوسع حالة النهوض بالمسؤولية على مستوى المناطق، وزارة الدفاع تتحرك، الدولة تتحرك بشكل كبير في عملية التجنيد، حتى لا تكون عملية الضغط مركَّزة على مناطق معينة، وعلى أسر معينة؛ لأن هذا واجب الجميع، اليوم الواجب على الجميع، هذا عدوان على كل بلدنا، ويستهدف كل شعبنا، ويريد أن يحتل كل أرضنا، ويريد أن يستعبدنا جميعاً، وهو تهديد لقيمنا وأخلاقنا ومبادئنا وحريتنا واستقلالنا وكرامتنا جميعاً، علينا جميعاً المسؤولية لنتحملها جميعاً.
واجبنا تجاه أسر الشهداء
من المهم فيما يتعلق بأسر الشهداء العناية بالرعاية التربوية والتثقيفية، والاهتمام فيما يتعلق بالجانب العملي، والرعاية المادية، مع السعي لمساعدتهم في بناء وضعهم الاقتصادي؛ لأن كثيراً من الأسر يمكن مساعدتها لتحقيق الاكتفاء الذاتي في بناء نفسها، يعني: ممكن بعضهم الإعانة لهم حتى يصبحوا معتمدين على أنفسهم، يستطيعون أن ينتجوا، يعيشون وضعاً طبيعياً، منتجين، ولديهم مصادر دَخْل… الخ. هذه خطوة متقدمة، وأهم من مسألة الاقتصار على مجرد المساعدات التي تأتي بين الحين والآخر، مع الاهتمام بهذه؛ حتى تتمكن الأسر من وضع طبيعي في حالتها المعيشية، يجب الإعانة بكل جد واجتهاد، وليس فقط مؤسسات معينة، أو مؤسسة الشهداء، أو نحو ذلك، الكل معنيون: الدولة معنية، المؤسسات الخيرية معنية، المجتمع معني، علينا أن نتعاون جميعاً في التعاون معهم في المساعدة، أو الرعاية المادية، والسعي لتمكينهم في بناء وضعهم المعيشي، وحتى يستطيعوا أن يكون لهم مصادر دَخْل طبيعية، مع الاستمرار في مساعدتهم في كل الحالات: عند حالة المرضى، الظروف الاستثنائية، حالات معينة اجتماعية، أوضاع معينة… في كل هذا يجب أن يكون هناك اهتمام من الجميع، الاحترام والتقدير لعطائهم، يجب أن يحظى أسر الشهداء بتعامل محترم وراقٍ ويقدر- دائماً- هذه التضحيات العظيمة.
هذه الأيام- كذلك في ظل الذكرى- يجب أن يكون هناك اهتمام بالفعاليات والمناسبات، وإبراز لهذا التفاعل المجتمعي، والتقدير المجتمعي لهذا العطاء وللأسر المضحية.
في الختام.. ملاحظات مهمة
هذه بعض النقاط، نختم هذه الكلمة ببعض الملاحظات فيما يتعلق بالوضع المحلي، هناك ثلاث مسائل نختصرها:
أولاً: ما بعد اسقاط الخيانة:- الدولة قامت بجهود مشكورة ومحترمة، الرئيس بذل جهداً كبيراً يُشكَر عليه ويُقَدَّر له، الأجهزة الأمنية كذلك، في تطبيع الأوضاع ما بعد إسقاط خيانة (الثاني من ديسمبر) في يوم الرابع من ديسمبر، جهود عظيمة جدًّا، عفو بكل ما تعنيه الكلمة، أُفرج عن أغلب المعتقلين، حتى من المُدانين، حتى ممن شاركوا في الجرائم، يعني الكثير منهم أفرج عنهم لحد الآن، لم يتبقَ إلا القليل جدًّا، الأغلبية الكثيرة والأكثر منهم قد خرجوا من السجون والمعتقلات، ولنا أن نتخيل ماذا لو كانت قوى الخيانة هي التي نجحت في موقفها؟ كل شيء ممكن يعني، هم كانوا يصرِّحون بأنهم يريدون اجتثاث الآخرين، القضاء عليهم نهائياً، الحالة العدائية كانت ساخنة ومرتفعة جدًّا، الوعيد الشديد، العبارات لاستباحة قتل الآخرين المتنوعة: عبارات سياسية، عبارات تكفيرية، عبارات متنوعة… لكانت مأساة، مأساة كبيرة بحق هذا البلد وبحق أبنائه، لكانت الجرائم التي لا نهاية لها ولا حدود لها قد ابتدأت من لحظة نجاحهم، ولكانت لا تتوقف، لكانت مستمرة، الفظائع كانت حصلت، ولكن بفضل الله، برحمته، وبجهود الشرفاء والأحرار في هذا البلد، وبوعي أبناء هذا البلد، وبحكمة رجال هذا البلد، وفَّق الله لتجاوز هذه المحنة، وإسقاط تلك الخيانة، وكان الموقف مختلفاً من قِبَلِ الدولة، من قِبَلِ الرئيس، من قِبَلِ الأحرار في هذا البلد، موقف العفو، التسامح، تطبيع الأوضاع الاجتماعية، هذا هو الذي يحصل، بالرغم من أن أبواق العدوان سعت إلى تخويف- مثلاً– كل المؤتمريين، مع أن موقف المؤتمريين الشرفاء كان موقفاً موفَّقاً وواضحاً، وموقفاً مشرِّفاً، وبفضل الله قُوبِلَ هذا الموقف- أيضاً- بما يليق ويجدر به، قُوبِلَ بالاحترام والتقدير والأمن والأمان، واليوم الشرفاء من أبناء هذا البلد، من كل المكونات: إخوة، متعاونون، متكاتفون، متفاهمون، جو يغيض العدو.
الخونة الذين نجحوا في الهروب من صنعاء إلى عدن، هم الآن يتواجدون في عدن كما يقال، ويحاولون أن ينادوا البعض للذهاب إليهم هناك؛ ليبيع نفسه من جديد، ويواصل مشوار الخيانة والعمالة، قدموا شاهداً إضافياً على حقيقة ما حصل في الثاني من ديسمبر، عندما يذهب طارق، يفر من صنعاء إلى عدن، ويواصل مشواره تحت راية العدوان، هو يقول للذين لم يفهموا بعد حقيقة الموقف الذي حصل في صنعاء: [لم يختلف ما يحصل اليوم هناك عما حصل بالأمس في صنعاء]، موقف في إطار العدوان، امتداد للعدوان، في صف العدوان، هذا هو الحق، هذه هي الخلاصة، هذه هي الحقيقة لكل من يريد أن يعرف الحقيقة.
على كُلٍ، الموقف الرسمي موقف مشكور، تطبيع للأوضاع، عفو، كذلك أنا أعتقد أن أغلب مقرات المؤتمر- إن لم يكن كلها- أنا لم أعرف أن أي مقر من مقرات حزب المؤتمر – مقر للحزب كحزب- لا يزال تحت سيطرة الأجهزة الأمنية، لا أعرف شيئاً من هذا القبيل، الأوضاع شبه طبيعية، والأمور طيبة بفضل الله، التلاحم الاجتماعي، التعاون، الاطمئنان، هو الحالة السائدة اليوم، وفشلت كل مساعي التخويف، والإرجاف، والشحن، والشدة… الخ.
أحداث عدن.. ولعبة استغلال الأوراق المتناقضة
أيضاً، نشير- أيضاً- إلى ما حدث من تطورات أخيرة في عدن، هذه التطورات تطورات طبيعية يعني بنظرنا؛ لأنها لا تخرج عن اتجاه اللعبة التي يمارسها العدوان في البلد، وهي: لعبة يستغل فيها أوراق متناقضة متباينة، يحرك فيها هذه الأوراق وهذه الخيوط بما يخدم موقفه، ولا نرى فيها أي مؤشر إيجابي تجاه المستقبل من جهة القوى الأخرى، قوى العمالة التي ارتمت في صف العدوان، لكن فيها عبرة، يعني: يفترض للجميع أن يَعُوا، إن كان من الممكن لهم أن يَعُوا؛ لأنهم في حالة سُكر شديد للمال السعودي والمال الإماراتي، يعني: الجماعة مشوشون جدًّا لدرجة رهيبة، ما يعطون نفوسهم فرصة أنهم يفهموا الوضع الذي هم فيه، وأنه لن يوصل إلى نتيجة، هذا هو الذي أريد أن أقوله، ما فيه قوى العمالة بمختلف اتجاهاتها، ممن كان منهم من حزب الإصلاح، والا من الحراك، والا من أي اتجاه كان… ما هم فيه لن يوصلهم إلى نتيجة، الوضع المطلوب لهم أن يستمروا فيه هو: قتال ضد بلدهم، وتنازع فيما بينهم، يساعد على استمرار حالة التنافس على من يقدم خدمة أكبر لصالح قوى العدوان، هذه هي الخلاصة.
أنصحهم أن يستذكروا، أن يتعقلوا، أن يتفهموا، وإذا كانوا يريدون الخير لأنفسهم ولوطنهم، فالخير هو في أن تتجه كل قوى الداخل إلى الحوار، إلى التفاهم، على مبدأ العيش المشترك، على مبدأ الشراكة، على مبدأ التعاون، على مبدأ الحرية والاستقلال لهذا البلد، وأن يتقوا الله في أنفسهم وفي وطنهم.
خيار الحرية.. أصل المشكلة مع العدوان!
أما خيارنا (القوى الحرة المناهضة للعدوان، المتصدية للعدوان)، بالرغم من التصعيد المستمر، ما أمامنا خيار إلا ما نحن فيه كموقف مسؤول وموقف حق، وموقف تفرضه علينا قيمنا، ومبادئنا، وإنسانيتنا، وديننا، وأخلاقنا، وكرامتنا.
نحن نسعى لأن نكون أحراراً، أكبر مشكلة لنا مع قوى العدوان هي هذه، السلاح ما هو مشكلة، يعني: هؤلاء الذين ارتضوا لأنفسهم، أن يتحولوا إلى مجرد أدوات بيد الأجنبي، يعطون السلاح، [سواء كان باسم دولة، أو ليس باسم دولة، باسم عسكري، أو باسم شعبي]، يسمون نفوسهم في بعض المناطق (مقاومة)، ما قد سمعنا بمقاومة مع معتدي، مع أجنبي غازي!… أي حالة يعني: قاعدة، داعش، تكفيري، علماني، أنت بأي عنوان، شعبي، عسكري، بأي عنوان يمكن أن تعطى السلاح، يسلحون الناس باعتبارهم كقبائل (قبيلة)، يعني: لم تعد المسألة حسب مصطلحاتهم: جيش، وأمور رسمية، و و… قبيلة ممكن تسلم السلاح، حتى الدبابات، حتى الآليات العسكرية، ولكن تعطى في سبيل ماذا؟ في سبيل أن تكون في موقف حُرّ ومسؤول ووطني؟! |لا|. تكون مجرد أداة لهم، أن يكون القبيلي عبداً، يخسر قبيَلته، ما عاده حُرّ، القبيَّلة حرية، القبلية الحقيقية شرف وكرامة، لكن |لا|، إذا أنت ستستلم السلاح منهم لتقاتل ضد شعبك، ضد وطنك، لتكون متراساً متقدماً أمام جنودهم، هذا الدور الذي يراد لليمني، يتقدم قبل الإماراتي، ليكون هو العرضة للنيران، لأن يصاب ويكون فداء للجندي والضابط الإماراتي، أو مترساً قبل الجندي السعودي، وقبل الجندي من هنا أو هناك بالذات السعودي والإماراتي، وإلا السودانيون لا يطلبون من اليمنيين أن يكونوا متارس لهم، بل يقدمونهم هم.
نداء للشعب السوداني
وهنا أوجه من جديد نداءً الى الشعب السوداني العزيز، والذين ننظر إليهم بكل مشاعر الإخاء، أن ينصحوا رئيسهم، وأن ينصحوا حكومتهم من وقف هذا العبث الذي هي فيه، هذا الاستهتار الذي هي فيه، حينما تدفع بالآلاف من الجنود للمجيء والاعتداء على شعب يمني، عزيز، عربي، هو دائماً كان يعيش مشاعر الإخاء مع الإخوة السودانيين، في الماضي كان الكثير من السودانيين يأتون إلى اليمن مدرسين، ويحظون باحترام كبير في عملية التعليم، يتواجدون كمعلمين، يتواجدون في الجامعات والمدارس، يتواجدون في الأنشطة الاقتصادية والحياتية في البلد، ويحظون بالاحترام كأشقاء، اليوم يأتون بالبعض منهم- تحت إغراء المال وسكرة المال لرئيس السودان- كغزاة إلى جانب الإماراتيين، وإلى جانب السعوديين، وبدون احترام، لِلعِلم: السوداني واليمني غير محترم عند الضابط الإماراتي، عند الضابط السعودي، يُدفع بهِ دفعاً إلى الموت والهلاك في صدارة الزحف والموقف؛ ليكون هو الضحية.
فالكل يعطَون السلاح في سبيل أن يكونوا ضحايا، أن يكونوا فداءً للجنود الإماراتيين والسعوديين، وأدوات لخدمة السعودي والإماراتي، والسعودي والإماراتي في خدمة الأمريكي وفي خدمة الإسرائيلي، يعني: ليست المشكلة كما يقال: أننا في البلد هذا طرف مسلح، الكل مسلحون في هذا البلد، وأنتم تسلحون الأطراف الأخرى بكل أنواع السلاح، وبالسلاح الحديث والمتطور، وليست المسألة مسألة دولة وما دولة ومسألة سياسية، كل هذه الأمور قابلة للحل، المشكلة الحقيقية أن السعودي والإماراتي يريد من الكل في هذا البلد أن يكونوا مجرد أدوات لتنفيذ أجندة معينة، وأن يكون الوضع في هذا البلد تحت سقف معين: (سقف العبودية، والاستضعاف، والذُل، والهوان)، ونحن نريد أن نكون أحراراً، أن يكون بلدنا حراً مستقلاً، وأن يكون شعبنا عزيزاً ومحترماً، له قراره، له استقلاله، وهذا ما لا يريدونه، هذه مشكلتهم الحقيقية معنا: توجهنا الحُرّ، تبنينا لقضايا أمتنا، وهم لديهم أجندة، القوم عندهم توجه لتصفية القضية الفلسطينية، للمتاجرة مع الأمريكي والإسرائيلي في حسابات تضر بالمنطقة، يريدون أن يفرضوا خياراتهم لتطويع كل أبناء المنطقة لأمريكا وإسرائيل، ومن يرفض ذلك يريدون أن يستهدفوه، هذا هو الحال معهم.
موقفنا الثابت تجاه شعبنا الفلسطيني
فيما يتعلق بالوضع الإقليمي: من أبرز ما طرأ في هذا الاسبوع هو إدراج بعض قادة المقاومة الفلسطينية في لائحة الارهاب الأمريكي، ضمن حالة التصفية للقضية الفلسطينية، والاستهداف المستمر والمكثف- حالياً- من جانب أمريكا بشكل واضح جدًّا، وبشكل غير مسبوق ضد القضية الفلسطينية، وضد الشعب الفلسطيني، ومن جانب أدوات أمريكا في المنطقة التي تستمر في ضغطها على الفلسطينيين؛ ليقدموا التنازلات التي تساعد إسرائيل وأمريكا، وتلبي رغبات ترامب.
نحن دائما نؤكد أننا إلى جانب شعبنا الفلسطيني المظلوم كقضية مركزية مبدئية، موقفنا فيها هو موقفٌ ثابت ثابت، ما قال الآخرون عنا فيه قالوا: يقولون إيراني، يقولون رافضي، مجوسي، و و… هي من جانبهم عبارات، ألقاب، شتائم، أشياء لا قيمة لها عندنا، موقفنا مبدئيٌ وثابت إلى جانب شعبنا الفلسطيني، إلى جانب تبني قضايا أمتنا الكبرى، إلى جانب إخائنا ومودتنا لكل أبناء أمتنا الإسلامية، إلا من أبى: لا يريد أُخوة إسلامية، يريد مع الأمريكيين وفي صف الإسرائيليين، هذه مشكلته.
نسأل الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى- أن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يلحقنا بهم صالحين، وأن ينصر شعبنا المظلوم، وأمتنا الإسلامية في مواجهة التحديات والأعداء، إنه سميع الدعاء…
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛؛؛